قد غادروني
كما غادَرتَ يــــا أبَتِ
وخَلَّفوا الحُزنَ مــــــوّالينِ
في رِئَتي
لَمْ يَبرَحـوا القلبَ
حتى رغمَ غيبَتِهِم
بــــاقونَ كالوَشمِ في أرجاءِ ذاكرَتي
وأنتَ بـــــاقٍ
كَسَقفٍ كانَ يحرُسُني
ويُمسكُ الرّيحَ إن هَبَّتْ علـى جِهَتي
بـــــــاقٍ
وعكّازُكَ المكسور نسمَعُهُ
نَشُمُّ تسبيحَهُ فــــــــي كلِّ زاويــــــةِ
بــــــاقٍ
وكُلُّ فَــــمٍ أشبَعتَهُ كَــــرَمًا
مــــا زالَ يُقسِمُ:
هذا الطَّودُ لَم يَمُتِ
يــــــــــا أيّها السَّنَدُ المَزروعُ
أسئلةً
مَن ذا يُجيبُ إذا غـــادَرتَ أسئلتي؟
ومَـــن يُفسِّرُ حُزنَ البــــاكياتِ
على
مشْطي
ودفترِ إزعــاجي
ومحبرَتي
ومَن يُداوي جراحَ الغيمِ
حينَ عصًا
كـــانت تهُشُّ على أيّـــاميَ
انقَضَتِ
ومَــن على الشِّعرِ يحنو
يـــا مُعلِّمَهُ
ومَن يُرتِّبُ فوضى الوقتِ
في لُغَتي
ومَــــن يُعيدُ لبـــابِ البيت ذاكــــرةً
تقاسَمَتها بنـــاتُ الدَّهــرِ
فــــانمَحَتِ
سَلِّم على أُمِّــيَ
الخضراءُ ضحكتُهـا
تلكَ التي نَهَلتْ مِــن شَهدِهـــا شَفَتي
سَلِّم عليهـــا
وجَفِّف دَمــعَ وِحدَتِهـــا
فقد تعِبتُ أنــا
مِن حُـــــزنِ منشفتي
وقُل لهــــا بصريحِ الحُزنِ
أنَّ فتــىً
كــــانت تُصلّي على عينيهِ
بعدُ فتي
ما زالَ يشتاقُ قُرصَ النّومِ مِن يَدِها
كأنّــهُ كلُّ مــا فـــي الكونِ
مِن دَعَةِ
ومـــا تزالُ الأغــاني
تحت شُرفَتِها
تَشتــــاقُ مثلي أنــا
تشتاقُ يـــا أبتِ
سلِّم على وجهِها ال مــا غابَ ثانيةً
لَمّــــــا تَقاذَفَ موجُ البَحرِ
أشرِعَتي
على يدَيــها
التي مـــــا زلتُ أقرأُها
منذُ البكـــــاء
تُعِدُّ الخُبزَ فــــــي ثقةِ
كـــــــأنَّ أوراقـــها الصَّفراءَ
ذاكرةٌ
لَم تنْسَ رغمَ جفافِ الحِبرِ
خَربَشتي
كُنّــــا ثمـــــانيةً
في سطرِ مُصحَفها
نَــــدورُ في يدهـــا
حبّـــاتِ مسبحةِ
كـــــانت تُرتِّلُنـــــا في الفجرِ
أدعيةً
مثــــلَ النَّبي
ولكــن دونَ مُعجـــزةِ
سَلِّم عليهــــــا
وقُل ما زلتُ مُنتظِرًا
أن ألتقيــــكِ على أبــوابِ مدرستي
سلِّم عليهــــا
على بــــــابٍ لِغُرفتها
كــانت بطولِ سنين القحطِ
مملكتي
وقُل لهــــا بلســـاني
حينَ تلمَحُهـــا
لا تُغلقـــــي بابَكِ المُفضي لوَلدَنتي
لا تُغلقي البــــابَ
فالأيّــــــامُ بـاردةٌ
وليسَ تكفـــي بِـــلا كفّيكِ
مدفــأتي
لَعَـــــلَّ طفلكِ
قــــد ينْسَـــلُّ ثانيــــةً
لتستعيدَ “هــــلا يَمّــــــــا” مُخَيّلَتي