كما ذاك السمندل الذي سدّ بابَ وَنوَنه
قبل أن يختبئَ فيه؛
ليحميَ صغارَه من الأفواه الجائعة..
كما ذاك البلبل الذي بحّ صوتُه
لمّا طلبوا منه أن يسقسق حرّا في القفص..
كما تلك السحاباتِ التي
شحّت بحِملها على من يشتاقها..
كما ذلك النادل الذي
وزّع كؤوس لغاته على حرفاءَ غير حرفائه؛
ثمّ غزل خيوط كلماته
وصنع بها وشاحًا للقهر والشجن..
كما ذلك القرط الذي تدلّى قمرًا
بتلميعاتِ نردٍ يردّد مع كلّ نَوسة
تسبيحاتِ امرأة تشبه جدّتي..
هكذا خط الزمان سلاما في دربي
وأمضى بحبره الأخضر ومضى
فكنتِ الأرضَ الشاهقةَ
والأحضانَ الواسعةَ
والبصماتِ المنقوشةَ فِي العيون
أبدا لا تمّحي
كالقرية الّتي سالت منابعها حتى فاضت،
لكنها ماتت من العطش..
كتلك العين التي جفّت مآقيها،
لكنها ما زالت تبكي مآسي البلاد.
هي الأرض التي تنبض عشقا رابيا لكثكثاتٍ سمراء
عانت من دَوس أقدام الغاصبين،
فلم تيأس،
ولم تتذمّر،
فرغم كل الأنين الذي يسكنكِ من سنين،
ورغم كل الأحلام التي سافرت بكِ بعيدا،
وظننتِ أنها سُجنت بجدران الظلام،
ورغم كل القيود التي كبّلتكِ
وكبست على عظمكِ وقلبكِ،
لا تستسلمي أيتها العاشقة الخضراء
وكوني نُطْلَةً من أمل
يعتلي سدرة الحرّيّة
ويغنّي دومّا للسّلام.