رواق النثر

كانت أمي تَدسُ القصائِد في فِنجانِ قهوتي في كُل صباحٍ قبل ذهابي للمدرسة وتضعُ بعض معالق الحروف فيه كقطع سُكر، وتهمس في أُذني لا تُحفظُ الكلمات يا صغيري أن لم تتكرر ومعادلاتُ الرياضيات و الفيزياءِ في بحرُ ذاتُكَ تُسجنُ وتتحرر أنتَ السجانُ لها وأنتَ السجينُ ذو العقلِ المُدبر حرر هواكَ وأزرع في قلوب البشر بذراً مُثمِر وَلَكِن في غربتي كنتُ …

الحسكة أول مرة.. تلتفت المدينة في كل الشوارع لعل الرحيل ينسانا ونعود .. لعل ذكرياتنا فيها تلمحنا في أخر الشارع وتحضننا كحبيبة .. تلك المدينة الشاخصة كعيون حمراء وسط الحريق وهي تبحث عن أبنائها الذين أكلتهم الحرب .. هي مدينة سمراء رغم أن في قلبها كل الألوان.. لذا المطر يمر بها كلما شحبت عنده ألوان قوس قزح مازالت تشعل النار …

في الساعة الرابعة صباحاً… نصف القمر محاه الفضاء… ونجمة أطفأتها بأنفاسي الساخنة… صباح الخير يا أيُّها العالم… المُسافر كزورقٍ في بِحار الغيب… المطوي كالضبابِ الرمادي على كفيّ الأُفق… والمَنسي كفراشةٍ مُتعبة في صدفة بيضاء… صباح الخير يا أيُّها العالم… القهَّار،المستبِد،المُتعجرف والمتمرِّد الساخِر… صباح الخير يا أبي… قبَّلت جبينكَ ليتنفَّس الماء وتتَّسِع الحقول … ويختلِط الحليب البارد بالدم في فمي… أحِسُّ …

بقلم : عائدة. الشعراني   الكائنات التي يميزها وعيها و إدراكها، التي لا تندفع بدافع غريزتها فقط كالكائنات الأخرى، التي تستطيع تخمين المستقبل، التي تشفق و تحب، التي اختبرت الألم بشكل او بآخر، كيف تقرر هذه الكائنات ان تجبر روحاً على القدوم! يالها  من خطيئة … هذا العالم قاس، مخيف، وحشي و فائض بأرواح معذبة. عالم تحكمه المادة، تسوده الحروب …

أقرأ منشوراته كلها فهي تذكرني بطفولتي التي عشتها هناك بعيداً في أقصى جنوب القلب في أقصى الجنوب الحزين أقصى جنوب العراق في قرى نائية منسيّة لا تظهر على الخارطة ولا يعرفها الكثيرون        يعجبني ما يكتب ويستفزّ حنيني المكتوم حنيني الى جنوب القلب جنوب الطيبة والبراءة وصفوف الصَرائِف ومواقد روث البقر التي كنا نتدفأ …

مأدبة ناقص أريد أن أحرس القصيدة من رجع الصدى ، أخشى أن تندسّ الكناية في مفرداتي فتتعثّر الكتابة، أخاف على لغتي أن تتوارى، فأيَّ قصيدة سأكتب إن عشقت زمنًا ممحوًّا؟ رميت قلمي الرصاص، و ما عدت أرسم به ملامحَك الباهتة، غَرفتُ كمشة ترابٍ من حديقتِك لأفرُك زهرة النرجس، وأحلم بزهرة الياسمين، كلُّ النسمات القابعة بين مفاصل العمر، لم ترطّب الجفاف …

ان كنت فصلا ربيعيا فلما تحزن من تساقط الازهار ان كنت انت علق صمتك بذيل ابتسامة ان كنت البحر اندر جسدك حضنا للمطر ان كنت الريح انفض الغبار من رئة الهواء ان كنت الحب ضع عرف ديك على راسك وكاكي ان كنت الليل امسك بحرك من خيبة مالحة ان كنت الجبل لن نراك سهلا مليىء بالسنابل ان كنت انسانا افعل …

حين تكونين بعيدة اعيش كل المساحات الباردة ترف أوراقي بلا كيان ترجف احلامي وحدة يذبل يراع القلم حدادا تسقط الحروف من عمق القصيدة حين تكونين بعيدة اصحو مثقلا برائحة عطرك… والوسادة الباردة اعبث كقط… بنثرات شعرك الطويل المسهدة اتشرد باحثا تحت غطائي… عن أنفاسك المتوقدة واختنق بدموع في محراب اشتياقك ساجدة حين تكونين بعيدة احب النوم اكثر احب الوحدة اكثر …

تعبت من حقائب السفر الفارغة التي أحملها كل يوم . لا أريد السير على خطى المجانين ، وأن أعلق أمنياتنا في نوافذ الموت . لست بخير هذه الأيام ، أعاني من آلام جهة القلب ، قلب حبيبك أصابه التعب ، ترتفع أحيانا سرعة الضربات وتنخفض أحيانا أخرى ، أحس بجسدي يريد السقوط ، وأنا أريد الوقوف من أجلك ومن أجلي …

لا يشعر في الضحية غير الضحية الجلاد ما بتفرق معه شو القضية حاكم مفتي قلم حرف جمع القفص مثل الدجاج في انتظار الدبح كلمة كرباج عقاب لسان القبح لا رحمة لميت ولا لحي يذكر صدق هذا منتحر هذا شهيد وهذا قتل للروح للبيت وللوطن ومن يسأل من السبب كيف حدث من قدم رصاص من حرم الناس من جهز حبل الاعدام …

خلف نافذتي عصقورٌ لا اعلم ما لونه اهو بنيٌ داكن ام تُرَبِيٌ او ربما اسوداً لا اعلم كل ما اعلمةُ انه يَزُرَني في كل صباحٍ ومساء يغرد خلف نافذتي بصوته العذب يأخذني لعالم أخر يذكرني بطفولةٍ قضيناها في مرحٍ وفرح وفي المساء يعود مغرداً بصوتهِ رُغمَ يومِهِ الذي قضاهُ في الطيران بحثاً عن غذاءٍ ما زال يغرد بكل فرحٍ وبعذُبةٍ …

بنقائه يشابهُ عطر اللازورد الكلاسيكي إذا حلَّ رعدت سمائي وأثلجت قافيتي وإن غابَ ظلَّ لحنه ينتشر بين زوايا القصيد ولفتة العمر.. عينان… كنهرٍ في حكايات شهرزاد.. قافية كثورةٍ في جليدٍ ونار.. كُلّما همس نبت الياسمين في العروق وحين الصمت تغفو الريح على وسامة ثغره.. في حضرة إشراقته.. حلَّ الربيع وانجلت جميع الفصول.. وتسائلت نفسي محتارة بنفسي.. كيف يقطن الهدوء في …