من مشروع تحالف الضرورة حين يتكلم الشارع: الأمثال والمصطلحات كأدوات قمع ناعم

الحلقة الخامسة

بقلم: فابيولا بدوي
_______________

مقدمة: الكلمة التي تبني السجن

القوانين تُفرض من فوق،
لكن اللغة اليومية تحفر السجن في القلوب بصمت.

ليست النصوص الرسمية وحدها من تُقيد النساء،
بل الكلمات العابرة، الأمثال الموروثة، العبارات الملقاة على قارعة الطريق،
التي تزرع الخوف والدونية منذ الطفولة.

هنا لا يحتاج القمع إلى قوانين مكتوبة.
هنا يتكلم الشارع،
وتتكلم الأمثال…
وتُبنى الأسوار من الداخل.

ما هو الخطاب الشعبي؟

الخطاب الشعبي هو الوجه اليومي للهيمنة الذكورية:
– أمثال تُردد على الألسنة بلا وعي.
– عبارات تنطبع في الذاكرة كحقائق نهائية.
– صور نمطية تعاد في الحكايات والأغاني والمناسبات.

إنه التعليم الأول للعبودية…
قبل أي كتاب مدرسي أو درس ديني.

أمثلة واقعية على الأمثال الذكورية

– “اكسر للبنت ضلع، يطلع لها 24”
– “ضل راجل ولا ضل حيطة”
– “البنت تجيب العار”
– “صوت الحريم عورة”
– “البنت مالهاش غير بيت جوزها وقبرها”

كل مثل هو قيد لفظي يرسّخ العبودية في الوعي.

المصطلحات اليومية: السجون الصغيرة

– عانس: تسليح كلمة التأخر في الزواج كعار اجتماعي.
– مطلقة: شيطنة الحرية من علاقة ظالمة.
– ست نكدية: محو الحق الطبيعي في التعبير عن الألم.

– نص راجل: تهديد مستمر لكل امرأة جريئة.
– مش ست بيت: إلزام المرأة بدور الخادمة مقابل الاعتراف بإنسانيتها.

كلمات تنزف كل يوم داخل الوعي الأنثوي.

لغة الإذلال الاجتماعي

كل نكتة عن “نكد المرأة”،
كل تعليق عن “عانس”،
كل تحذير من إنجاب البنات…

يغرس شعورًا جماعيًا بالإهانة والعار.

المرأة تخجل من حريتها قبل أن تفكر فيها.

الخطورة الخفية للأمثال والمصطلحات
لأنها تُلقن بلا تعليم،
وتُردد بلا وعي،
وتُمرر كأنها طبيعة بشرية…

تصبح سجونًا نفسية تحرسها الضحية بنفسها.

استراتيجية التحالف: تفكيك الكلمة قبل تفكيك القانون

– تفكيك الأمثال الشعبية لكشف قبحها.
– تجريد المصطلحات من قداستها الاجتماعية.
– بناء خطاب يومي جديد يحترم المرأة كإنسانة.

تحرير الكلمة هو أول خطوة لتحرير الإنسان

التأكيد: المعركة الحقيقية في تفاصيل اللغة

كل كلمة لها تاريخ.
كل نكتة بريئة تحمل قيدًا.
كل وصف شعبي يعيد بناء سور من الخوف.

المعركة مع اللغة،
مع الجملة التي تبدو بريئة لكنها تخنق الحياة

الخاتمة: حين تتحرر الكلمة، تتحرر الحياة

تحرير النساء يبدأ بتحرير الكلمات.

حين نتوقف عن ترديد الأمثال التي تبرر قهر النساء،
حين نتعلم أن الحرية ليست وصمة بل هوية،
حين نعيد تعريف الشرف بأنه كرامة الإنسان لا سيطرته…

حينها فقط…
تبدأ الثورة الحقيقية.
ثورة صامتة، لكنها لا تُقهر.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!