الحب من الصفات السوية الإنسانية الخالية من أي عيوب عقلية ونفسية وفي هذا الجانب يذكر التراث كما روي عن المرحوم يحي بن معاذ الرازي عندما قيل له ابنك يحب فلانة فقال: الحمدلله الذي رده إلى طبعه الآدمي…
•الشجار الذي يحدث من حين لآخر في العلاقات الإنسانية وخاصة بين متقاربي التقارب الروحي له دلالة صدق الحب والمودة ، ويقع الشجار غالبا نتيجة حساسية الغيرة أو سوء الفهم تجاه موقف أو تصرف معين، ينتج عنه حساسية وردفعل غير متأنّ، ويعتبر رد الفعل السلبي متجاوزاً لثوابت الوفاء للعلاقة مؤذياً لمشاعر الطرف الآخر فيؤدي إلى الحنق والشجار الذي يعقبه حالة عتاب بعد فترة صمت ، ثم عتاب ينفرج الشجار بعتاب مقبول، وهذا دليل على صدق المودة والرغبة في الحفاظ عليها واستمرارها ،
•ورد عن النبي الكريم المرسل رحمة للعالمين عليه الصلاة والسلام بما معناه..(الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف)
(من أقوال الحكماء والشعراء)
* جلال الدين الرومي :
(إن فاتك أن تكون محبوباً فلا يفوتك أن تكون مُحبّاً)
* ابن حزم: إن المحبة هي اتصال نفساني بين اجزاء النفوس المقسومة بين الخلق.. وان الحب من الأمور الفطرية الطبيعية التي لا اختيار للإنسان فيها.. والحب بدايته هزل وإخره جد…وقال في بيت من قصيدة:
• يلوم رجال ً فيك لم يعوفوا الهوى
وسيان عندي فيك لاح وساكت
* ابن القيم: التنّاسب بين الأرواح من أقوى أسباب المحبة فكل أمرء يصبو إلى ما يناسبه، فإذا اختلف زال التوافق…
• الحب لايقف عند الجمال والعمر والمعرفة..بل هو تشاكل النفوس وتمازجها في الطباع والثقافة والمبادئ ، يقول الشاعر العربي في هذا الخصوص:
* وما الحب من حسن ولا من ملاحة
ولكنه شيء به الروح تكلف
* ويقول الزاهي البغدادي:
* وكم ابصرت من حسن ولكن
عليك لشقوتي وقع اختياري
(تكرار الشجار)
•يقول علماء النفس وبعض الفقهاء.. من علامات الحب تقع بين المتحابين كثرة الشجار.
(الفرق بين شجار المحبين والمتباغضين)
1—شجار المحبين سرعان ما يزول، والخلاف بينهما سرعان ما يتلاشى ويرجعان إلى افضل واكمل الصحبة وصفاء المودة وإلى المضاحكة وإنتهاز أو اصطناع فرص للقاء والتواصل أويختلقون الاسباب التي تساعد على ذلك.. وهكذا يستمر الحال بينهما، وإذا رأيت هذا من اثنين لا يحدث فجور الخصومة لأن الحب بينهما سراً من الحب الدفين… الخ ويقول علماء النفس (المحبة إذا تأكدت واشتدت بين المحبين انتجت التشاجر والتهاجر لبعض الوقت ولكن دون قطيعة..)
2—شجار المتباغضين: يكون ناتج عن شدة الخصام والكراهية الذي يؤدي للقطيعة التامة لأي علاقة خارج عن دائرة شجار المحبين.
(في العتاب)
* في عتاب عدم الوصل والتواصل يقول الوزير العاشق (ابن زيدون) وهو يعاتب حبيبته..(ولادة بنت المستكفي)… بسبب فعل الجفاء والعناد تجاهه ، وتذبذب علاقتها معه، تحدث عن ذلك بقصيدة مشهورة تغنى بها أهل الفن والأدب والموسيقى فقال:
* اضحى التنائى بديلاً عن تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
إلى قوله:
* أَعتبُ من ظلمك لي جاهداً
ويغلب الشوقُ فاستعتبُ
* الزمتني الذَنب الذي جنتهُ
صدقت فاصفح أيها المُذنبُ
•ويقول الشاعر ابو دهبل في عتاب محبوبته
* فلا خير في حبً يخاف وبالهُ
ولا في حبيب لايكون له وصلُ
* فوا كبدي إني شُهرت بحبها
ولم يكُ فيما بيننا ساعة بذلُ
•ويقول أبو فراس الحمداني:
* أبكي الذين أذاقوني مودتهم
حتى إذا ايقظوني للهوى رقدوا
•قال الأديب المهاجر جبرات خليل جبران.. (لن أعاتب أحداً بعد اليوم، كونوا كما تريدون)
(قالوا في الأغتراب)
* قال الشاعر الاحنف
* يا غريب الدار عن وطنه
مغرداً يبكي على شجنه
* كلما جد البكاء به
دبت الاسقام في بدنه
* ختاماً : يقول الشاعر الجاهلي
قيس بن الخطيم
* يريد المرء أن يعطى مناه
ويأبى اللهُ إلا ما يشاء
* وكل شديدة نزلت بقوم
سيأتي بعد شدتها رَخاءُ
• والسلام حياة، محبة وعتاب واغتراب وأمل والصلح خير
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية