أجوبُ خضمّ الليالي وحيداً وهذا السديمُ القاتمُ يغتالُ الظِلالَ ، يقصِّرُ خطوات الشرودِ ، يحتسي نخبَ البعادِ ويرقصُ لشعثِ الفراقِ ، ثقيلةٌ هي الساعاتُ الضنينةُ تسوِّرُ القلبَ تدكّهُ علىٰ سندانِ الرتابةِ فيمرّ الوقتُ كئيباً كزائرٍ ثقيلٍ يمتطي صهوةَ سُلحفاةٍ ثلجيةٍ ، يضعُ دمَهُ الباردَ في قارورةٍ من صقيعٍ ، يصلبُني علىٰ مواقدَ الانتظارِ فأشتهي رقدةَ الولهانِ ، إعذرني أيّها الليل إنْ غفوتُ عنكَ فخلفكَ شمسٌٌٌ لا تسأمُ الشروقَ ، نترقّبُ بزوغَها لتنقشعَ سُحُب الغيابِ المُوحشِ وتشيّد لنا جسراً مِنْ أَمَلٍ علىٰ نهرِ القنوط ، في كُلِّ إشراقَةٍ تلملمُ خيوطُ الشمسِ جراحي فأَتَكَحّلُ برُؤيتك وأنتشي بطلتِك ، تداعبُ أشعتُها القرمزيةُ جدائلَ النهارِ ، تعزفُ الدُنيا سمفونيةَ الأَحاسيسِ ، تتلو آيات الجمالِ علىٰ شرفةِ الكونِ فيتراقصُ الزهرُ ويغردُ الطيرُ ، لكنّ الوقتَ كالحِرْباءِ تنسلخُ من جلدها لتبدلَهُ كُلّ حين ، ها هو الآن يتسارعُ كأنّهُ في مضمارٍ يتماهى مع النحسِ ويتجافى مع الرَغَبات فأظلّ أتشبثُ بأذيال الشمسِ أتوسّلُ بثمالةِ رغبةٍ فِيّ جامحةٍ أنْ يتأجّلَ الغروب ولكنْ هيهاتَ هيهاتَ فالفراقُ وشيكٌ ولَظَىٰ الوداعِ يحبسُ الأنفاسَ ، يعجِّلُ الرحيلَ فترتفعُ تنهيدةُ المُلتاعِ ليتَها لا تعرفُ الأُفُول .