أسماء وأسئلة:إعداد وتقديم : رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الاسبوع الكاتبة سلمى لغزاوي
1. كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
كاتبة و مترجمة متيمة بالكلمات، مصابة بلعنة الكتابة ، عاشقة للتجديد و التجريب، كارهة للتصنيف..
2. ماذا تقرأين الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
أنهيت للتو رواية ” نجوم سيدي مومن” للكاتب المغربي ” ماحي بينبين”، و هي رواية مميزة بأسلوب جميل، تتطرق للتفجيرات التي هزت الدار البيضاء في السادس عشر من مايو 2003 ، بالنسبة لأجمل كتاب قرأته هو سؤال صعب لأنه لدي العديد من الكتب المفضلة، لكن يظل الكتاب الأجمل في نظري، و الذي أعدت قراءته مرارا( رغم أنني لا أعيد قراءة الكتب ) هو ديوان أزهار الشر لشارل بودلير، هذا الديوان الذي غُصتُ في هاوياته و سبرت عوالمه حد أنني قمت بترجمته و نقله من الفرنسية إلى العربية.
3. متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتبين؟
بدأت الكتابة سنة 2012 كعِلاج بعد مروري بأزمة صحية صعبة، و لم أكن أدري أن ما بدأته كعلاج سيستحيل إدمانا، أكتب لأتحرر، لأشارك أفكاري و رؤاي و لأجعل الناس يرون ما لا يرغبون في رؤيته، أكتب عن ذاك ” اللامرئي”، عن كل تلك الأمور و الظواهر التي تقض مضجعي، تستفزني و تستنفر قلمي.
4. ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
المدينة التي تسكنني هي ذات المدينة التي أسكنها، مسقط رأسي العاصمة العلمية فاس، التي لا أستطيع تنفس هواء غير هوائها، و ليس بوسعي الابتعاد عنها كثيرا، اذ أنني إذا ابتعدت عنها لفترة أحس كأنني سمكة لفظها النهر الذي تنتمي إليه، فاس كانت و تظل المدينة الثاوية بين ضلوعي، و التي أحن دوما إلى السير في دروبها و أزقتها القديمة عالضيقة الملأى بالذكريات.
5. هل أنت راضية على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
أعتقد أنه ما من كاتب راض عن انتاجاته بالمطلق، لأن هاجس ” ربما كان هذا العمل ليكون أفضل” يطارده، لكنني راضية إلى حد كبير عن انتاجاتي و إصداراتي، كوني أتريث دوما أثناء مرحلة الكتابة و المراجعة، و لا أنشر إلا بعد أن أصل إلى مرحلة الرضا عما كتبته، كما أقول في كل لقاأتي و حواراتي مشروعي الروائي عنوانه العريض هو الاختلاف، كتبت رواية في أدب الرحلة و رواية نفسية / بوليسية ثم رواية مركبة تطرقت إلى التاريخ المغربي المعاصر و بالضبط الفترة الاستعمارية، و كذا عوالم و كواليس الكتابة و الفنون عامة، في روايتي الأخيرة التي لم تصدر بعد سرتُ في حقل جديد كليا و اخترت الكتابة الديستوبية المستقبلية، كإسقاط عن واقعنا العربي الحالي.
6. متى ستحرقين أوراقك الإبداعية وتعتزلين الكتابة؟
فكرة إحراق أوراقي الإبداعية غير واردة حاليا، لأنه لا زالت لدي الكثير من الأشياء التي أود طرحها، ربما عندما ينضب معيني و أعجز عن الكتابة و الاستمرار حينها سأعتزل..
7. ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبته؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
هي أعمال شتى تمنيت لو كنت كاتبتها، لكن ما يحضرني الآن هو الكتاب المميز لمحمد شكري ” غواية الشحرور الأبيض”. بالنسبة لطقوسي في الكتابة ليست لدي طقوس معينة، عدا كوني أفضل التأليف في الليل، لأستفيد من سكونه، و كذا لا أتمكن من الكتابة سوى في مكتبي الهادئ المنعزل، بمحاذاة شرفتي المطلة على منظر طبيعي جميل و ملهم جدا.
8.هل للمبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
بالتأكيد المبدع أو المثقف الحقيقي العضوي هو مرآة عاكسة لما يدور بمجتمعه، لذا يتفاعل مع قضاياه و يحاول وضع أصبعه على مكمن الجرح و إيصال أصوات أبناء وطنه و معاناتهم.
9. ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
العزلة الاختيارية بالنسبة إلي حرية و شرط إبداعي بالتأكيد، ففي العزلة تأتي أجمل الكتابات.
10. شخصية في الماضي ترغبين لقاءها ولماذا؟
طبعا الكاتب المغربي الاستثنائي محمد شكري، لأنني أرغب في محاورته عن حياته و كتاباته التي لا تشبه الكتابات، و أحييه لأنه رغم كل الصدمات و الصعوبات التي صادفته في حياته، كان مكافحا و عصاميا و استطاع أن يتعلم ليكتب تجربته/ شهادته و يسمع الناس صوته و صوت الهامشيين، ليصير أول كاتب مغربي يصل إلى العالمية .
11. ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
الحقيقة لن أغير شيئا، لأنني ببساطة أؤمن بأن كل ما حدث و كل ما عشته كان تجارب ضرورية لأصير ما أنا عليه.
12. ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
الفراغ و الذكريات، لكن الذكريات هي الأخطر و هي الأشد فتكا، لذا صرت أحاول أن أتجنب صناعة الكثير من الذكريات كي لا يعذبني صندوق ذكرياتي بعد الفقد.
13. صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن روايتك «اوركيديا سوداء جحيم شاعر» كيف كتبت وفي أي ظرف؟
طبعا لا بد من وجود محركات زمكانية و داخلية كثيرة لتحفز الكاتب على تلقف قلمه و خوض غمار كتابة مشروع أدبي جديد. بالنسبة لظروف كتابة روايتي الثالثة أوركيديا سوداء كنت قد أصبت بمتلازمة الورقة البيضاء و لم أستطع خط كلمة واحدة لأشهر إثر إحدى الصدمات، و من ثمة فكرت: لمَ لا أستغل الأحاسيس و الهواجس و الهلع الذي انتابني بعد اعتقادي ء خطأ ء أنني لن أتمكن من الكتابة مجددا لأكتب رواية يعاني بطلها الشاعر المعروف من متلازمة الورقة البيضاء.
14. الى ماذا تحتاج المرأة في أوطاننا لتصل الى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز.الى دهاء وحكمة بلقيس ام الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟
هما معا
15. ماجدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
ربما تكمن الجدوى في أن هذه الكتابات توثق لواقعنا المعاش و معاناتنا، و أيضا في إيصال صوت فئات لا صوت لها، و جعل القارئ يتعرف أكثر على أشياء و ظواهر بل و حتى تاريخ ربما كان لا يعرفه كثيرا، الأدب انعكاس للزمن الذي يكتب فيه، لذا نحاول أن نترك للأجيال التي ستأتي بعدنا روايات توثيقية عن حياتنا و زمننا.. و بالنسبة إلي الكتابات الابداعية احتياج لاستمرار الانسان قيد الحياة، المعرفة و الحلم..
16. كيف ترين تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
بوسعي القول إن تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي قد خدمت جيل الكتاب الذي أنتمي إليه ليتعرف علينا قراء من سائر العالم العربي، لكن للنشر في المواقع بعض المساوئ أحيانا سيما السرقة الأدبية، فكم من مرة يكتب أحدنا نصا ليجد شخصا آخر سرقه و شاركه بعدما نسبه إلى نفسه.
17. أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
أسوأ ذكرى في حياتي تظل هي رحيل والدي و أنا طفلة لا تتجاوز التاسعة من عمرها، الأجمل هي أول رسالة موافقة جاءتني من دار نشر مصرية من أجل نشر باكورة أعمالي الروائية بعد طول رفض بسبب موضوعها الشائك.
18. كلمة أخيرة او شيء ترغبين الحديث عنه ؟
أشكرك صديقي العزيز على هذه الأسئلة الجميلة و أشد على يدك و أحييك على مجهوداتك و حواراتك المميزة، و أتمنى لك الاستمرار و الألق.