قراءة نقدية في ومضة شعرية للشاعرة نوار الشاطر/بقلم : حمودي عبد المحسن

لصحيفة آفاق حرة 

الومضة :

في كل ليلة
ترحل بي الأماني
إلى السماء،
أوقظُ القمر
وأعلقُ نجومَ اللقاء،
ينطفئ الغياب
لأستحضرَك
فقلبي يجيد
تحضير الأرواح!!

القراءة :
هذه القصيدة النثرية المقتضبة- المختزلة، الغنية بمضمونها الصوفي، التي كتبتها الشاعرة نوار الشاطر ، ونقول -صوفي- لأنها تجعل من السماء محور التحليق التخيلي، ويمتد إلى ما هو غيبي أي ما وراء الطبيعة، لذلك تاخذ بعدها المثالية في الفلسفة إذ هي بحد ذاتها تذكرنا بالرواد الثلاثة للمتصوفة وهم الحكيم سناءي في حديقة الحقيقة، وفريد الدين العطار في منطق الطير، و المثنوية لجلال الدين الرومي، خاصة وإن هؤلاء الرواد في الفكر الصوفي تتمركز مؤلفاتهم بمفهوم المثنويات، وهنا في قصيدة المبدعة المتألقة نوار الشاطر التي لها تبحر في العلم الصوفي خاصة ولها كتابات عدة في هذا المجال مما يجعلنا أن نتأنى في القول حين نتحدث عن قصائدها لأن الصوفية غالباً ما تأخذ الرمز كمحور دلالة وقصد، كمحور استغراق تأملي وتفاعل روحاني بعيداً كل البعد عن الدنيوي الزائل- الوقتي مقارنة بالغيبي -السماوي السرمدي، هذا ونحن ندرس هذه القصيدة من مساحتها وسطحها وعمق داخلها الذي يطلق عليه في النقد الأدبي (المضمون والشكل) لذلك سنأخذ النص من مسألتين :
الأولى: أن السماء الواسعة الرحبة بعلوها وتناهيها تمتاز بجماليتها سواء كان ذلك رؤية أو تخيل إلى ما فوقها، لذلك يطلق أحيانا كما ورد في النص المقدس (السماوات السبعة) وفيها عرش الرب، ولا نعرف بالضبط موقع الجنة والنار لان قد اختلف الصوفيون حولها.
إذ اً نحن نرى النجوم، ونرى القمر، ونرى الشمس، ونرى الغيوم والسحب كمعالم لهذه السماء التي ركزت عليها السيدة نوار الشاطر كمعالم ظاهرة حين تقول:
( أوقظ القمر
وأعلق نجوم اللقاء)
الثانية: كما هو معروف أن الصوفية تؤكد بعض مذاهب منها على وحدة الوجود، ولا يستثنى منهم ابن عربي لكن السيدة نوار تثير تلك الوحدة بطريقة أخرى أي ما بين الانسان – الأرضي والسماوي، لذلك تقول في قصيدتها:
(فقلبي يجيد
تحضير الأرواح)
وهذا هو جوهر التفاعل الوجداني- الروحاني ما بين أرضي وسماوي، فهو تأملي – قصدي لتلك العرفانية الغارقة في المثالية، وما هذا التحضير للأرواح إلا باباً للتأمل القادر بقوة الإرادة أن يجد الترابط والتفاعل مع ما هو غيبي – وجودي،
فهذه القصيدة تغوص بنا في عالمين متناقضين كوجود الأول أرضي – بشري، والثاني سماوي- غيبي، وهنا يكمن نجاح القصيدة ومغزاها في صورها الشعرية ومكانتها الفلسفية المثالية، وكذلك بأسلوبها المتعمق بالظاهر والباطن كمستوى للمراتب الصوفية- العرفانية….لك سيدة نوار الشاطر دوام التألق الإبداعي ، ودمت بخير .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!