من أيِّ دَرْبٍ
أبْتَدِي لَيْلَ المَسِيرِ؟
لأسيرَ فِي عُمْقِ الظَّلَامْ.
فأهتَدي بِخيوطِ ضُوءٍ
يَجتَلي عَني غِيابَ النورْ.
فِي صَحَارَى القَلْبِ أَرْكُضُ
وَحْدَتِي عَطْشَى،
وَرُوحِي بَئْرُ صَمْتٍ
فِي انتِظَارِ المَسْتَحِيلْ.
يَا وُجُوهًا فِي دُّرُوبِيْ
شَاحِبَاتٍ مِثْلَ حُلْمٍ عَابِرٍ
وَمُلَامِحٍ تَاهَتْ،
وَمَا زَالَتْ تُؤَرِّقُنِي
كَأَشْبَاحٍ تَسِيرُ بِلَا دَلِيلْ.
أَمْضِي،
وَأُشْعِلُ مَا تَبَقَّى مِنْ يَقِينِي
بِالضِّياءِ وَبِالْخَلَاصِ
كَأَنَّنِي شَجَرٌ يَحْنُّ لِظِلِّ غَيْمٍ
يَنشُرُ الظِلَ الظَليلْ.
هَا نَحْنُ نَمْضِي فِي السَّرَابْ
صَارَتْ خُطَانَا
خَلْفَ ظَهْرِ الشَّمْسِ،
وَالْمَاضِي رَمَادٌ فِي اليدَيْنِ
فَنَحْنُ مَا زَلْنَا نُحَارِبُ
عَلَّنَا نَصحوا عَلَى صُبحٍ جميلْ.
يَا لَيْتَ وُجْهِي لَا يُصْدِّقُ
كُلَّ أَحْلَامِ النَّجَاةِ،
فَأَنَا أُكَذِّبُ فِي المَرَايَا مَوْتَنَا
لِأَنَّنِي صَدَّقْتُ وَعْدًا
بِمَجِيءِ النُّورِ، لَكِنْ
لَا يَعُودُ وَلَا يُبَالِي بِالعَليلْ.
أَيَّامُنَا تَمْضِي،
وَفِي الأعْمَاقِ أُغْنِيَةٌ تَذُوبُ،
تَرْنُو إِلَى شَمْسٍ
تَنَامُ عَلَى هَدِيرٍ
مِنْ عَذَابَاتِ الفُصُولْ.
وَأَظَلُّ أجمَعُ
مَا تَبَقَّى مِنْ يَقِينِ الرُّوحِ
أجمَعهُ بِصَوْتِي
لِأُعْلِنَ فِي الظَّلَامِ
عَنِ الصُّمُودِ
وَبِأَنَّنِي،
رَغْمَ الفَنَاءِ أَعُودُ مُنتَشياً
بِأنسَامِ القُبُولْ.
أَطْلَالُ أَحْلَامٍ
تُنَادِي فِي الدَّمَارِ،
تَقْتَاتُ مِنْ جُوعِ الأَسَى،
مَا بَيْنَ صَبْرٍ وْ احْتِضَارْ.
نَحْنُ الَّذِينَ
تَساقَطَتْ أَحْلَامُنَا
حَتَّى نَسِينَا أَنَّنَا
فِي هَذِهِ الدُنيا طُلول
فِي أَيِّ قَبْرٍ،
يَا رِفَاقَ الحُزْنِ،
نَكْتُبُ لِلْحِكَايَا
أَنَّنَا جِئْنَا الحَيَاةَ بِلَا نَجَاةٍ
أوْ فُصُولٍ لِلرَّبِيعِ،
بِلَا طُقُوسٍ أَوْ سَبيلْ.