رفقًا بنفسك إنْ أبدتْ لك الجَزَعا
فإن ربك من أعطى ومن مَنَعا
تجري الأمور بتقدير الحكيم وما
ننفكُّ نلهثُ إنْ حرصاً وإن هلعا
كأننا نحن من يختار مسلكَهُ
فنبتغي الدرب مُزدانا ومتسعا
لم نكتسبْ من صروف الدهر موعظةً
تحيي ضمائرنا الوسنى فترتدعا
نكاد ننسى بأن الموت يطلبُنا
فقد تَخِذنا من الدنيا لنا نُجَعا
في كل يوم يَمُدُّ الموتُ مخلبَهُ
إلى عزيزٍ فنشكو الهمَّ والوجعا
نعود من بعدها للهو ثانية
كأن واحدنا من قبلُ ما فُجِعا
حتى تَوَخَّى نهارَ العيد والدتي
كزارعٍ ينتقي مِن خير ما زرعا
فصار عيديَ حزنا جاثما وأسى
فهل عليّ ملامٌ إنْ أَذُبْ جَزعا؟!
لو كان مُلكٌ يُفدِّيها وأرصدةٌ
بذلتُ ما يبتغي مهما يكن جَشِعا
لكنهُ أجلٌ قد حانَ موعدهُ
ومن يعارضُ مكتوبا إذا وقعا؟!
***
أُمِّي وما أكثرَ الباكين غيبتَها
وكم عظيمٍ عليها قلبُه انصدعا
سيسألُ الليلُ عنها حين يفقدها
في خلوةٍ وحدها والكل قد هجعا
ويسألُ الصبحُ عنها حين طلعتِهِ
إذ غاب صوتُ تراتيلٍ لها ودَعا
لسانُها رَطِبٌ من ذكْرِ خالقها
وقلبُها مُخبِتٌ لله قد خشعا
أمامَ ناظِرِها من نشْئها وَضعتْ
مخافةَ الله والإحسانَ والوَرَعا
لم تحملِ السوءَ يوما في جوانحها
وما رأى أحدٌ منها ولا اطلعا
مرفوعةُ الهام حتى وقتَ محنتِها
فرأسُها لِسوى الجبارِ ما خضعا
عفيفةُ النفس حتى حين شدَّتها
فكفُّها لِسوى الرزاق ما ارتفعا
جليلةُ القدر حتى في تسامحِها
على محبتها رأْيُ المَلا اجتمعا
يا ربِّ يا خالقي أكرمْ وفادتَها
واربطْ على كل قلبٍ غُمَّ أو فزعا