تقولُ الحكايةُ/ بقلم:ريتا الحكيم (سوريا)

تقولُ الحكايةُ إنَّ امرأةً نذرت نفسَها للصَّمتِ
وارتأت الغوصَ في بحرهِ علَّها تجدُ لغةً تنقذُها من ثرثرةِ الرِّيحِ حين تحملُ في طيَّاتِها روائحَ الغائبينَ عن مشهدِ عواصفِ روحِها وتقلباتِ طقسِها
وإنَّ رجلًا امتهنَ الثَّرثرةَ على حوافِّ صمتِها
فوقعَ صريعًا في شرِّ فضولهِ
وباتَ يستعينُ بلغةِ الإشارةِ.

تقولُ اللغةُ إنَّ عوسجَ النِّسيانِ ابنٌ بارٌّ بالعدَم والذكرياتُ مرضُ الحياةِ العُضال..
كي تحيا عليكَ أن تنسى أنكَ كنتَ ذكرى في مخيلةِ أحدهم..
أن تبتكرَ تفاصيلَ خاصَّةً بكَ لا تمتُّ لأحدٍ بأيِّ صلةٍ،
وتفتحَ صدركَ لرياحِ التَّغييرِ القادمةِ إليكَ.

يقولُ الموتُ إنَّه يمدُّ أذرعَه الحانيةَ للمتعبينَ والقانطينَ من دنياهم.. يضمِّدُ جراحَ أوجاعِهم ويسكتُ صراخَ الألمِ
في أرواحِهم.

يقولُ الوقتُ إنَّه إشارةُ مرورٍ خضراءَ يقودُنا بها إلى حيث لا ندري.. يوقعُنا في شباكِ ثوانيهِ ودقائقهِ وهو على ثقةٍ أنَّنا لن نتخطَّى إشارتَه تلك دون خسائرَ فادحةٍ.

تقولُ البلادُ إنَّها قربانٌ لأطماعِ السَّاسةِ وفسادِهم..
تنفي انتماءَهم لها وتتبرَّأ منهم غير نادمةٍ.

يقولُ الفقرُ إنَّه صنيعةُ الخياناتِ الولودةِ على مدى أزمانِ الجوعِ فلا ترموهُ بحجارةِ شتائمِكم..

وأنا أقولُ إنَّني موجةٌ انسحبت من شاطئِ الحياةِ المخاتلِ لتلوذَ بالأعماقِ وتقرأ في عزلتِها عبثيةَ الوجودِ على هذه الأرض.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!