عن الغربه/ بقلم:المحامي مراد علايه.

رافقتكم السلامة! لستُ أدري أي سلامة ترافق المغترب! الذي ذهب بعيداً عن أهله ووطنه، وترك زوجته وأطفاله، فالغربة هي الإسم المدلل للمنفى.
الغربة إبتلاء فقد إبتلى الله به نبيه ابراهيم حين ترك هاجر في وادٍ غير ذي زرع وهاجر عنهم، وابتلى بها يونس حين أغتربَ في بطن الحوت.
يقال عند الفراق مع السلامة! فأي سلامة في فراق المحبين؟ أي سلامة تلك التي تَدعُ فيها وطن عشت فيه عمراً من الدهر وتركته وذهبت إلى وطن لم يخطر على بالك ذات يوم.

في الغربة لن تنصفك سواء الدموع التي تسكبها دون أن يشعر بك أحد، دون أن يسمع أنات صوتك أحد، ولهيب أحشائك أحد، فحين تعوذ الرسول من الكفر والفقر، كان يُدرك أن الفقر، يقهر الرجال، وأن غلبة الدين تقهر الرجال أيضاً، الفقر والدين يجعلان الرجل يتخلى عن كل آمانيه وأحلامه، وراحته، فيذهب إلى الغربة، لعله يجدُ فيها ما يبعدُ عنه هم الفقر والدين!.

حين أسمعُ إلى صوت الفنان أيوب طارش وهو يردد قول الحبيبة لحبيبها أثناء سفره، (أين تروح يا وحشتي يا خلي) هنا تصبحُ الغربة غربتين في وقتٍ واحد، غربة الرجل عن أهله وغربة الحبيبة عن حبيبها، الغربة هي لعنةُ العذاب الذي لعن بها إبليسُ وطُرد من بين الملائكة إلى الدنيا، ليحكم عليه بالاغتراب في دنيا فانية، ويوم القيامة يصلى نار حاميه، نسأل الله أن لا يكتب لنا الغربة الا وكتب لنا فيها العز والاستقامة.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!