(1)
مثلما يدلكُ البرقُ نهدَ الغمامةِ،
كانَ اللقاءُ،
فرُحتُ أمسِّدُ صوتي بالرعدِ،
قلتِ: اشتهيتُ المطرْ
كنتُ أطفئ غُلمة تلكَ الغمامةِ،
حينَ تهِيءُ إليَّ،
أجمِّعُ من فلواتِ الضياعِ أنوثتَها،
وردةً وردةً كان ينسَلُّ منَّا الوطرْ!!
وكما يفعلُ المُخرِجُ المُتمرِّسُ في المشهدِ الحُرِّ:
تأتي الحبيبةُ طازجةً،
والأيائلُ تَنْسِلُ من صوتها،
والإوزَّاتُ في كفِّها
يتحمَّمنَ بالرَّعشاتِ،
ويُغري بأشواقهنَّ شذا العاطفةْ!!
والحبيبُ تأنَّقَ بالحُبِّ،
يُحكمُ ربطةَ عُنقِ القصيدةِ،
تقفزُ كالكَنْغَرِ القُبلاتُ،
من العينِ قبلَ الشِّفاهِ،
وفي رعشةِ الكفِّ،
كالسيفِ يأوي إلى غمده…
انحسر المشهدُ الحُرُّ،
والنّهرُ أوغلَ في سيره،
فتداعتْ مشاهدُ محبوكةٌ،
صورةً صورةً تتكثَّف هذي القصيدةُ،
جاءت تمامًا كما تفعلُ العاصفةْ!!
(2)
أيُّها البرقُ،
يا صورةَ الشوقِ، إذ يتفجَّرُ بينَ الضلوعْ!!
أيُّها الرعدُ،
يا لغةَ العاشقينَ السُّكارى،
وترنيمةَ الكونِ غِبَّ الخشوعْ
أيُّها المطرُ المتفجِّرُ،
كيفَ خدشتَ بظفرِكَ حُلمَ الخزامى،
عزفت نشيدَ الحنينِ بأعماقه،
فغدا كلَّ شوقٍ يضوع!!
(3)
“على الماءِ ممشاكَ”،
قال الغرقْ
فقلتُ: عليه،
إذا ما وسقْ
غريقٌ بلجةِ هذا الجمالِ
وإنّي _ وربِّي _ أجيدُ الغرَق!!
أنا الآن في صبوتي مُزهِرٌ
أبيع بحِلميَ هذا النَّزقْ
أمرُّ بسربِ الدُّمى الواكناتِ
فيحقنَّ أوردتي بالشَّبقْ
أسبِّحُ ملء ضلالي النقيِّ
تباركَ هذا الذي قد خلقْ
تباركَ من جعلَ الأربعينَ
تَشعشعُ بين ضلالٍ وحقْ
إذا اكتملَ الحُسنُ في الأربعينَ
وعشرقَ في الحلقِ حتى شرَقْ
فذاكَ النبيذُ اللذيذُ المعاني
تعتَّقَ، وانشقَّ، حتى برَقْ
إذا كان تمرُ العذارى حلالًا
فإنّ الجميلاتِ هنَّ العرَقْ!!
(4)
يرصدُ المخرجُ المترسُ سربَ عصافيرَ متخمةٍ بالعذوبةِ،
تأوي إلى النهرِ،
ترسمُ في صفحةِ الماءِ أحلامَها،
بالغدِ المنتظرْ
وأنا وارفُ الظلِّ،
أمتشقُ الخمسَ والأربعينَ،
وأدلكُ نهدَ الغمامةِ،
أروي مشاعرها بالعذوبةِ،
ينحسرُ المشهدُ الحرُّ،
يوغلُ في السيرِ ذاك النَّهَرْ!!