يمشي بعينين تعانقان الجهات،
ولا يدري أن الطرق تصير متاهات
حين تتوه النجوم عن سمائها،
وحين يصير الشرق غربًا
والشمال جرفًا
لا تنقذه البوصلة.
في جيبه خارطة مجعدة،
تكومت كذكرى بعيدة
يقرأها بالمقلوب،
فيختار الدروب التي تؤدي إلى الوراء.
في المقهى،
حين سأله الغريب عن اتجاه البحر،
أشار نحو الجبل،
وحين أراد الذهاب إلى بيته،
انتهى عند باب محطة مهجورة
تغني للرحيل.
رجل بلا خرائط
يستيقظ متأخرًا عن المواعيد
ويحضر مبكرًا إلى الفوضى،
يتحدث بثقة من لا يعرف،
فتضيع كلماته
بين نظرات المستهزئين
وابتسامات العابرين.
وحين يقف عند إشارة الطريق،
ينظر إلى اللافتات كأنها لغز
يقرأ الحروف بعين طفل
ولكنها تتناثر كالعصافير،
لا تحمل له جوابًا
سوى المزيد من الحيرة.
يحب السير بلا وجهة،
ولكنه يخسر في لعبة الوصول،
يسألونه عن المدن،
فيخبرهم عن الأزقة التي انتهت إلى حائط.
يتحدث عن الأنهار،
ولا يدري أن الماء قد جف
حين تركته الخرائط.
رجل بلا خرائط،
ليس لأنه لا يريد أن يعرف،
بل لأنه يثق في قدميه أكثر من الورق،
يؤمن بأن الخطأ اتجاه آخر،
وأن الضياع قصة
تُكتب بلا عناوين.