كتب الدكتور سمير محمد ايوب( الاردن )
في الجحيم العربي الراهن، جل الامة نزفت الكثير من كرامتها وجدارتها بالحياة، من زمااان. عبر قرصنة سياسية متواصلة، إستولدت حروبا عابثة قائمة مستعرة، وبعض حروب ما تزال مشاريع في الانتظار. وكلها مفتوحة على بشاعة ونذالة عز مثيلها، وفلسفة بائسة مؤداها الانتهازي الرخيص والموهوم: حادت عن راسي بسيطه!! منذ أجيال، أنّا التفتنا دماء، جثث، دمار، و” فلسطينيون “ منقسمون غارقون في دمائهم، طوى الكثير منهم أعلامه قبل بدء المسيرة. يتولون بأنفسهم تضييع قضيتهم، وشطب كل ما استولده النضال الاسطوري لشهدائهم وابطالهم، تم التضييع عبر قبائل وشعوب عربية متصارعة، ومع ترحيب شبه شامل لعرب، وعبر أجنبي متآمر او متواطئ ومعه، وعبرعدوهم المحتل ومعه. بل لم يعد الاحتلال بكل مشاريعه، هو الهمُّ الأول لبعض “ الفلسطينيين “، بل الصراع فيما بينهم، على سلطة بائسة متهالكة تحت الأسر، هو ما يحتل مركز الصدارة في اهتماماتهم. بل وصار العدو هو مرجعية البعض، في كل الشؤون الآنية والمستقبلية. لا أستثني أحدا حين أقول للفلسطيني الذي بات عن جدارة ينزف الكثير من كرامته وجدارته في الحياة: أيها المقيم في هذا الربع الخالي، الممتد بين المحيط والخليج وبينهما بالطبع والقطع أوسلوي مدمن اللذلِّ والإذلال في رام الله، إنك إلا من رحم الله وهم كثر ولله الحمد، تكاد ان تكون عبئا على الكرامة والعنفوان، وتستحق للأسف الكثير مما يجري لك، والأكثر مما يلوح في الأفق بالتتابع. تستحق انت ومن مثلك من عرب، الشطب من الحياة ونسيانك في الذاكرة، بعد ان حرصت على الاقامة في قطرية مقيدة منحطة بالغة الضيق، والتعصب لمذهب متشظي يجيد الطاعة والذل المنافق، والحماس لمرجعيات مهزومة مأزومة لا تجيد إلا القمع، وتعاقره صبح مساء، على نفقة قضاياها المحلية، ونفقة فلسطين وكل قضايا الأمة، في ظلال قوس قزح من الاوهام. وحين يتساءل، ما تبقى ومن تبقى، في القفار الرملية العربية، من قطعان المُطِيعين، السريعين في التقاط الوحي التلموذي وتنفيذه، لِمَ يخسرون، وعدوهم الوجودي يربح؟!!! قل لهم: أيها المثقلون بالقيود! الجواب أكثر من واضح وبيِّنٍ. عدوكم الذي كان خيالا تلموذيا مستحيلا، صار واقعيا، نموذجا لقدرة على البناء والاحتلال والتوسع. كيانا سياسيا صارماً، يعج بالبنى والأدوات الحديثة. فيه نظم سيادية حقيقية، ومحاسبة لا ترحم، وسجون تسع كل فاسد. كيان لا أحد فيه أكبر من القانون، ولا فوق العدالة. ومع كل هذا وذاك، وقل للمُحاصَرين بِكُرْهِهم للمقاومة الوطنية، أن الترامبية الجديدة متحركة، تفكر في بدائل لتفاصيل الشرق الاوسط، بدائل تطال صلب الوجود العربي فيه، تخرج عن المعتاد والمتوقع، تحسسوا يا أبناء السبيل رؤوسكم، سايكس بيكو جديد بشع، يطل عليكم من البعيد القريب. وذكِّرْهُم إن نفعت الذكرى، بأن غزة العزة في رفضها التخلي عن الارض، قد قدمت للعالم أجمع، مثالا نموذجيا في القدرة الأسطورية، على تحمل عذاب التجويع والترويع، والقتل والتدمير والابادة الجماعية.