ومن بيع للشيطان في عصرنا كثرُ
يعضُ على الأضراس أن يفلتَ الصبرُ
شكيمته أقوى ومنبته حرُ
كأنّ كؤوس القهر زادٌ له بها
فلا عيشةٌ ضنكى تناءت ولا جبرُ
كأنّ دساتير الحياة تهشّمت
فلا العسرُ ميسورٌ ولم ينتهِ الوعرُ
ولا البارقُ القدسيّ روّى صدورنا
كأنّ سراديب الكهوف لنا صدرُ
لعمرك ماقرّت من الوفر عينه
فعصرك مرهونٌ لمن ذلّه اليسرُ
يقايضنا الطاغوت يُسرا بطاعةٍ
وعيشُ الذي يأبى بضائعه القهرُ
عجبتُ لأحوال العصور تشابهت
علوٌ يطول النجم ثمّ هو القعرُ
ألا زينوا الدنيا بنور جباهكم
وإنّ ثراء المرء فكرٌ هو الدرُّ
أعدوا لهم نورا وفكرا ورحمة
تراحمكم خصبٌ إذا أقفرَ العمرُ
وإنّا لخيرُ الخافضين تراحما
وإنّا لخيرُ المطعمين لمن مروا
وإنّا لخير -الغافرين- تكرّما
فكيف وقد أوصى بأحباره الذِكرُ
أتى أمره والغول مدّت ذيولها
وإنْ لم تمت خوفا فذاك هو النصرُ
ألا صفوة الأرواح روحٌ تجرّدت
ومن بيع للشيطان في عصرنا كثرُ