سرعان ما يرقص الإخوان علي السلم / بقلم الشاعرة المصرية فابيولا بدوي

كل من تابع ردود الفعل حول لقاء كل الأمير محمد بن سلمان ونظيره الأمير محمد بن زايد بقيادات من حزب الإصلاح‏(‏ حزب الإخوان المسلمين باليمن‏)‏ سوف يلحظ أن بعضها منطقي جدا والبعض الآخر غير عقلاني بالمرة‏,‏ ولا توجد بينهما منطقة وسط‏.‏

فيما يخص الأول فمن الطبيعي أن يساور القلق بعض المحللين أو المراقبين تجاه هذه الخطوة بكل ما تحمله من مؤشرات وربما تداعيات, إلا أن هذه المخاوف جاءت في سياقها وتم تفنيدها بعقلانية, وتم رفض سحبها علي أي مواقف تتعلق ببلدان أخري في ما يخص هذه الجماعة علي وجه التحديد.
أما الشق الثاني فتباري فريقه في إظهار فرحة غير عادية بذلك اللقاء, وبديهي أن مكونات هذا الفريق جميعها قد طالعتنا إما من الدوحة أو أنقرة. وجاءت الكلمات عجيبة وكأنها تأتينا من كوكب اخر لا علاقه له بما نحن فيه أو بصدده.
فتابعنا ما يشبه ملحمة الثناء علي الأمير محمد بن سلمان, الذي أيقن أن جماعة الإخوان هي جزء لا يتجزأ من مكونات المجتمعات العربية. وهذا في حد ذاته اعتراف بأنهم فصيل وحدهم وليسوا مواطنين مثل الجميع لهم أفكارهم, وإلا فما معني السعادة التي تمت ترجمتها علي اعتبار اللقاء بقيادات الإصلاح هي بمثابة الاعتراف بأنه لا غني لنا في منطقتنا عن هذه الجماعة؟
فيما فسرتها مجموعة منهم علي أنها بداية مصالحة خليجية, حيث أبرز الاتهامات الموجهة لقطر هي احتضان جماعة الإخوان وقيادتها الفارين وقناة الجزيرة الناطق الرسمي باسمهم, ومادامت المملكة ودولة الإمارات قد التقيت بقيادات الإصلاح اليمين, فقد سقطت كل الاتهامات تلقائيا, بما يؤشر إلي أن الجميع قد بات في كفة واحدة. حتي أن البعض منهم قد طالب المملكة بالسعي السريع في مصالحة بين مصر الإخوان.
كيف ولماذا وأين ومتي يمكن ربط هذا بذاك؟ لا أحد يمكن أن يعلم إلا هؤلاء اللاهثون لتأمين الحماية لقيادات هذه الجماعة وأفرادها, فما علاقتنا نحن بلقاء بين قادة التحالف العربي في اليمن وأحد الفصائل اليمينية, بصرف النظر عن أي دلائل, لأن المؤكد أنه لا علاقة لنا به من قريب أو بعيد.
أما تقليص الخلافات بين دول المقاطعة والدوحة في الاخوان من دون أي إشارة إلي تدخلها في الشئون الداخلية للبلاد, فالرد يمكن أن نحيله للندوة التي احتضنتها برلين عطلة الأسبوع الماضي, لحزب العمال الألماني عنوانها( قطر ودعم الإرهاب) محاورها كانت دعم قطر المنظمات الإرهابية بالشرق الأوسط, دعم قطر للإرهاب يهدد أمن أوروبا, قطر تستقبل قادة الإرهاب من الإخوان المسلمين.
وبحضور حشد من الباحثين وأعضاء الحزب والنشطاء تحدث فيها نائب الحزب وعدد من الحقوقيين, حول الكثير من الانتهاكات القطرية, في مقدمتها المعاملة البشعة للعمالة الأجنبية من الدول الفقيرة واستغلالهم أسوأ استغلال, معتمدة في ذلك علي استثماراتها الضخمة في ألمانيا وأوروبا كما استغلت نفس الاستثمارات والعلاقات للحصول علي استضافة المونديال الذي تستعبد العمال الآن بأبشع الصور للتحضير له, مما يحولها إلي إمارة إمبريالية بكل المقاييس, هذا إلي جانب استغلالها لأموالها للتدخل في الشئون الداخلية للعديد من الدول بطرق ملتوية متعددة.
قد كانت هذه الندوة ألمانية بامتياز وفي المركز الكاثوليكي ولا علاقة لجهة عربية بتنظيمها, ونظرة واحدة علي هذه المحاور تؤكد أن المسألة أكبر بكثير من مجرد علاقتها بالمكون الذي تراه جزءا من المجتمعات العربية ولا يجوز استبعاده ظلما, فمحاولات السيطرة واحدة, واستغلال المال لتحقيق أهداف بعينها هو المنطق نفسه المرفوض والذي يتخطي بكثير طلب الوساطات أو تحميل أي لقاءات بأكثر مما تحتمل أو محاولات جرنا إلي عمقها لتجسيد أوهام بعينها.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!