ما يحدث معي أكبر من أن أعبر عنه بالكتابة
وأعظم من أن يطال بشر من بشر!
قضيت يومي سابحًا في فضاء بعيد
وحين نزل المطر كنت أمشي على تعاريج أرض لا أعرفها
توقف المطر دون أن أنتبه لذلك
عدت الى البيت ولا يمكنني أن أجزم، الآن، كيف فتحت الباب ومن فتح لي أساسًا
قبل الثامنة من ليلة الليالي
عاود المطر رشات خفيفة
سمعت تخبطه على زنك يغطي ممرًا لجيراننا الذين يسكنون بالطابق الأسفل
خرجت -كما تذكرت لاحقًا- وطفت بنصف مساحة المدينة
شوارع صغيرة مرصوفة بالحجر ومظلمة
دكاكين شبه مفتوحة
موترات تسبح في عالمها الخاص
ذهبت إلى المكان الذي أردت زيارته ثلاث مرات
في المرة الأولى تذكرت مجانين في سوق الخميس وقلت في نفسي:
هل بلغت السن القانونية للدوران حول السوق؟
وأضفت أسئلة كثيرة:
ما الذي يشعر به المجنون حين يكرر كل شيء حالمًا بكوب من الشاي بالحليب؟
الذين يملكون 9 ايميلات أين يخبئون شيفراتها؟
معارك الحنطة والبارود هل أصلها لاتيني؟
الزهايمر الذي لم يصب به أحد من عائلتنا.. هل وجد ضالته، الآن؟
تركت كل شيء في حوار مع رشات مطرية عابرة للمساء
عاودتني موجة عنيفة من القلق الداخلي
القلق الذي يحول الصدر إلى مسرح أوركسترا شبحية ويضغط حجم الدنيا إلى 3 كيلوبايت داخل قفصك الصدري الهش!
تظاهرت بالطمأنينة وأنا أغسل يدي من (كوز طيني) يشبه الفنان الكوميدي يحيى ابراهيم
هو في الأصل سقيا ماء لوجه الله على رصيف بشارع المواصلات
بعدها، ضحكت عاليًا دون أن يهتم أحد من المارة
كتبت بأصبعي السبّابة في الهواء: ا ل م و ا ص ل ا ت
ووجدتها أطول من الشارع نفسه.
لأول مرة أتغلب على نفسي؛ سقتني كما تنساق قطيع لراعيها
ومع انني مررت بسوق “للقات” طارئ
صرخت على منهزم ينزوي بين الضلوع:
اصمد يا كلب، أما يكفي انك اشتريت قاتًا للنهار وأنهيته في الوادي متوحدًا مع غربان سوادها جميل ودأبها يواري سوأة أحزانك.
سُقتني ناحية البيت
تغلبت على مريض حاول أن يقودني للسهر ليلة أخرى
صباحًا سأذهب إلى “دار الأيتام” لاستلام حصتنا عن ستين يومًا من الدقيق والزيت والفول الأممي
اتفقنا أن نبيع الدقيق لنشتري خضروات وبطاطا ونصف دجاجة
في ماراثون تتنافس فيه البنات الصغيرات على تعلم الطبخ
أما الزيت والفول المكسر سنتركهما لجلسة مجلس الأمن القادمة ليقرر مصيرهما
على أمل ألّا أمارس الجنون مجددًا
ذلك ان ما يحدث معي أكبر من أن أعبر عنه بالكتابة أو بالجنون، معًا.