لصحيفة آفاق حرة
______________
أعِدْ إليَّ كتابي محمَّلًا بحبٍّ ودهشةٍ وبراءة طفولة وألق صبا..
ثم أعِدْ إليَّ حيائي من والدي حين تمرُّ في الكتاب قُبلة فتهرع أناملي لتغفو عليها..
أعِدْ إليَّ كلمات زمن جميل.. حين ابن الجيران يُصلب على شرفة ليسمع حفيف صفحات كتابها..
تقلِّب أوراق رواية عاشقة..
أعِدْ إليَّ طيبة أبطال النصوص وأصالتهم وجمال الروح فيهم..
أعِدْ إليَّ زمن العشق العذري.. وشهوة قبلة يموت عاشقها عند عتباتها..
يسند وتد خيمتها لعلَّ ظلها تكشفه خرق الخيمة..
أعِدْ إليَّ صوت الطفولة في وطني ..
اخضرار جرحه.. ودمه الأحمر ..ما اسودَّت أطرافه بعد..
أعِدْ إليَّ زقزقة عصافير الصباح.. مهاجرة نحو الشرق محملة بسلام الأحبة..
أعِدْ إليَّ صوت أمِّي مناديةً هيَّا إلى العمل هيَّا إلى الفلاح..
أعِدْ إليَّ صوت كركرة الصبايا.. عاشقاتٍ لابن جيران غرَّته طلعته الأولى..
انتصب تحت الشبابيك يصيِّر رسائل الحب طيارة ورقيَّة لتستقرَّ على شرفة إحداهن فتفوز فوزًا يغيظهنَّ..
أعِدْ إليَّ صوت ضجيج الشارع..
وطرق السجَّاد حدَّ حافة الشرفات..
أعِدْ نداء النسوة هلمي إلى قهوة الصباح..
أعِدْ للبحر صفاء زرقته واحشد النوارس على سطح محياه..
مدّ كفَّك لموج البحر ليتلو من جديد..
أعِدْ للنجم كحل عينه ليتلألأ بؤبؤه ويلثم خدَّ الزهر ويغمز النوَّار .
وأعِدْ للأقصى ثغره الباسم..
ارسمه لوحةً آملةً تنتظر القادمين من زمن الثلج الأبيض..
أعِدْ للكون نبضه.. ملَّ الجمود وكَلَّ انتظار اللا انتظار..
أعِدْ إليَّ حضن أمِّي حين تتعبني الحكايات وتضنيني قصاصات العمر..
لأُزهق دمعتي بين مقلتيها..
هلَّا أعدتَ إليَّ أناي..
هلَّا أعدتَ نبض الحياة قبل صيحة الساعة..
د. ريمان عاشور
٢٦-٥ من عام الجائحة