عبدالجبارنوري – ستوكهولم
Girls Of The Son فيلم ” بنات الشمس ” هو فيلم حربي نسوي فرنسي عُرض العام الماضي فيl مهرجان ( كان )السينمائي للمخرج الفرنسي ” أيفا أوسوف” ، ينافس الفيلم على جائزة السعفة الذهبية التي ستمنح في حفل ختام المهرجان يوم 19 من أيار كالعادة في كل سنة .
ويحكي الفيلم القصة التراجيدية المأساوية للطائفة ” الأيزيدية ” على يد الأرهاب الدأعشي في 2014 على أرض العراق ، وهم مضطهدون مسبيون مستعبدون ومظلومون ويقال عنهم —– يعبدون الشيطان ، كم نحنُ بحاجة في زمن الدم —-إلى شيطان سلام !؟ ، يعلمنا أخلاق الأيزيديين (خلدون جاويد ) .
عدد الأيزيديين في العالم 5-2 مليون نسمة ، وهم يمارسون ديانتهم المكتسبة بالفطرة ، وهي ديانة مسالمة يدٍ ورايةٍ بيضاء وقلبٍ سليم من كل ضغينة ،وتعرض الأيزيديون عبر التأريخ إلى أكثر من سبعين حملة أبادةٍ ترقى إلى ( جينوسايد ) مسكوتٌ عنها ، ربما أن الديانة خارج تغطية الديانات السماوية وهذا لا يبررالسكوت مطلقاً أذا نظرنا أليهم بعيون الأنسنة ومواثيق الأمم المتحدة وخطابات ” روسو ” صاحب العقد الأجتماعي ، وتعرضت هذه الطائفة العراقية الأصيلة والموغلة في القدم ، في أرض العراق سنة الأحتلال االداعشي عام 2014 إلى أشرس عملية أبادة بشرية في ذبح الذكور وأسر الأناث وأستعبادهنّ جنسياً حسب فتوى الظلالة الخلافوية الداعشية مملوكين في عصر العولمة وحقوق الحيوان ! .
وأنبرى المخرج الفرنسي ” أيفا ” لينقل فصول الحكاية المأساوية ببراعة خبرته الفنية في تحريك الوجدان الغربي والعالمي إلى هذه الكارثة المرعبة للأيزيديات المختطفات والمستعبدات على معيار الأسر ، وصاغ تلك الأحداث المروعة بأسلوبٍ وجداني واقعي وملموس على جغرافية وتأريخ العراق ، وبنى الفكرة على قصة حقيقية لعراقيات أيزيديات حملن السلاح في وجه تنظيم الدولة الآسلامية بعد فرارهن من الأسر ، وشكلن كتيبة قتالية حملن فيها السلاح ويقاتلن الدواعش في وضع كمائن لهم ، ويدافعن عن مدينتهن ( سنجار ) .
ونحن في زمنٍ قريب من أفتتاح مهرجان كان السينمائي وعرض الفيلم الفرنسي صناعةًوالعراقي حكايةً ضمن الأفلام المعروضة في باناروما الفيلم الأوربي لهذا العام ، وأن الفيلم مشروع فني أدهش الشاشة البيضاء لخوض حرب الوجود لنساء عراقيات أيزيديات تعرضن للعنف القسري ، وصاغ هذا المخرج العبقري لقطات فصول القصة المؤلمة النصية المتحركة للرواية بشكلٍ مميز ومغاير لتلك العلاقات الرومانسية المعتادة في أفلام الشاشة البيضاء بل حوّلَ مجرى الحدث التأريخي ألى تلك العلاقة المتغيّرة بين الضحية والجلاد وبين الحاكم المستبد والمحكوم المستلب وبين ذلك الأنسان البائس وبين تلك النخبة الظلامية العابرة للحدود ، وأختير الفيلم من بين عشرات الأفلام العالمية الفذّة في التقنية والمضمون وعُرض بأستحقاق على لائحة الأفلام المتنافسة على نيل جائزة الفيلم الأفضل والأجود تقنياً وموضوعياً حسب مضامين الأنسنة والحرية والسلام وصد الميليشيات الدموية بالدم ، وبالتأكيد أنهُ فيلمٌ جيّد لأجتيازه عمالقة المحكمين المحترفين والمهنيين السينمائيين ، وأني مفعم بالتفاؤل بفوز الفيلم لهذه الأسباب : تجسيد الفيلم أشكال التعنيف والزجر والقمع والأبادة للجنس البشري وقد لا يحضر على بال الأنسان العادي وبهذه الصور المأساية للمخرج الفرنسي سوف يؤثر في كسب الرأي العام الأوربي ، وتمكن المخرج ببراعته السريالية المزج بين الواقع المرْ والفوبيا السايكولوجية الذي ينتاب الفرد أثناء الحدث الجلل ويجعل من المشاهد شاخصاً بصرهُ حابساً أنفاسهُ لتذوب ذاتهُ بأستسلام طوعي لصيرورة الرواية ، ومن خلال حبكة أخراج الأحداث المؤلمة يستسلم للحقيقة الصارخة : { أن الأنسان يمكن أن ينسحق أمام السلطة الغاشمة بيد أن عنصر الرفض ينمو بنفس الأتجاه } وبأيحاء تقني جيّرها إلى محفزات ثورية أخذتْ شكل كتيبة قتالية أنثوية ثأراً لأنسحاقهن المفرط وصورها المخرج إلى معاناة ظلامية سوداء فرنكشتانية للدفاع عن وجودهن .
وأخيراً/ ربما قد خرجتُ بقناعة وجدانية بعد مشاهدة بعض لقطات الفيلم المذكور بأن هدف المخرج الفرنسي تسليط الضوء على مكامن الوجع عند العالم الواقعي تقارب مع الأتجاهات الأدبية الجادة للذاكرة الغربية في هذا الأتجاه الأنساني ما ورد في رواية ( 1984 ) لجورج أوريل نشرت في العام 1949 متحدثاً عن تلاعب الدولة الشمولية ، وكذلك قصة ( فهرنهايت 451 ) وهي رواية الكاتب الأمريكي ( راي براديري ) الذي تنبأ لما بعد خمسين عاماً : سيأتي يوم أن الحكومات المستبدة تحرق الكتب في البيوت !؟ —-
عذرا سادتي — إن المقالة معادة تكريما إلى الطائفة الأيزيدية في سنجارفضلت نشرها وشكرا