كتب محمد بو عوني الطورة
آفاق حرة / خاص وحصري
رسالة ( 2)
سيدي : أكتب إليك رسالتي هذه وأنا أتملص من نظرات أولادي التي تصيبني بالعجز و الشلل ، من تمتمات زوجتي كل صباح وهي تقنعهم بأن العشرة قروش التي توزعها عليهم كل صباح قبل ذهابهم للمدرسة كافية كمصروف يتسابقون فيه مع أقرانهم الى مقصف المدرسة بلا خجل ، أكتب أليك وأنا الواقف على جمر الصبر ، القابض بأمانة على حفنة من تراب الوطن رغم الألم والقهر ، فما زال الوطن في عيني كما عملتني واحة من نقاء وطهر ، أغنية في ميادين ( خو ) ترددها حناجر العسكر تقول ( دعوة الحق لدينا ، نفحة هبت علينا ، أرسل الله إلينا ، سيد الكون محمد يتبعها بكل ولاء ومحبه الله… الوطن… .المليك ) ولاء ومحبة لم يكن ثمنهما مقبوض ، ولا استعراض من خلف مايكرفون تحت سقفٍ دافءٍ وكوب كباتشينو يتصاعد بخاره بجانبه سيجارة بارلمنت ثمن علبتها ثلاثة دنانير ، أكتب أليك وأنا أتذكر الوكيل عبدالكريم مدرب المشاة وهو يرفع البطانيات عنا الساعة الرابعة صباحاً بصوته الجهوري العالي فنرتجف من الرعب خوفا من الجزاء الذي يلحق بنا أذا لم نستجب . سيدي أنا لم أكن أعرف غير الوكيل عبدالكريم والوكيل محمد الخزاعه وكانت خو هي الوطن وكانت البندقيه هي الشرف وكانت ذخيرتي هي كرامتي . سيدي : لم يكن الجيش والوطن أغنية يغنيها عمر العبدلات ( طلت الروفر طلت فوقيها الخمسميه ) ويبثها محمد الوكيل من إذاعتي إذاعة القوات المسلحة الأردنية عبر أثير لا يتجاوز مدة ساعتين مقابل راتب خيالي لا أستطيع تحصيله منذ ولدتني أمي وحتى أموت ، لم يكن الوطن والجيش يوما أكذوبه يصنع منها محمد الوكيل مادته الإعلامية ، لم يكن الجيش يوماً أغنية ترقص عليها بنت ليل في ملهى يسهر فيه على كأس غُلبنا وينثر فوق رأسها دنانير فاضت عن حاجته كان الواجب ان تكون من نصيب حقيبة مدرسة ابني وعلبة ألوان يرسم بها جمال الوطن ، وتضحيات جنوده . سيدي : منذ توليك القياده استبشر العسكر ، ولمحوا في يدك في وجه الظلم خنجر ، وعادت خو تتلمس في وجه الجنود الصغار ثقتهم بأن لهم قائد حريص عليهم وأمين على عائلتهم ونقل معاناتهم لسيد البلاد فعادوا بلا وجل أسود تزمجر… يا أبا غصاب كل الجيش يناشدك عاملين عسكريين ، مدنيين متقاعدين صابرين بأن تقول كلمتك التي لا تخشى إلا الله فيها فيما يسمى ( الأعلامي محمد الوكيل )