امي
سقطتُ من رحمِ أمي أبكي
وما زلتُ أَجهش بالبُكاء
يُكبلني حُلمي
المجدول بفاهِ الذهول
كاستحالةِ العنقاء
…
اكتشفتُ فخاً بربرياً
سرق من تلابيب الروح
فرحتي
ومسَّني بالضراء
…
أحلاميَ كانت ليَ بلسماً
فأصبحت سُماً في ثغر
رقطاء
…
أُمي
بالله عليكِ …أعيدي لي
لهفةَ رضعتي الأولى
قدِ اشتقتُها
واسكُبي مع حليبِك جداولَ الفرح
وانقذِيني من مآتمِ العزاء
…
إنزعي مني ملامحَ الحزن
وازرعي فيني ملاحمَ الشجَن
كَوريني في مجرةِ صدركِ
وامنحيني لَذةَ العِناق
وتعالي نُصلي ركعةَ الالتِحام
في محرابِ الضياء
…
انتشيليني من ظلامِ ذاكَ الحوتْ
وامنحي لنوني البسمةَ والسراء
…
فقد مللتُ الظلمْ
مللتُ القهرْ
مللتُ الإفتراء
…
أُمي
افطمِي جوعَ المحبةِ فِيني
واقرئي على قلبي
أذكارَ السلامِ
صباحَ مَساء
…
زَمليني باحتضانِك
دثيريني في سحابةِ ماءْ
…
طوِّقيني بأضلعٍ
تمنحُني الأمان
تُعطيني الحنان
دون خوفٍ أو رَجاء
…
يخنقني أمااه تجرعُ غِيابُك
ويؤججُ أتون الشوق
فأُجْهِشُ بالدعاء
…
أُناديكِ حبيبتي أنْ كُوني معي
فيُذبَحُ الصَّوتُ على أسوارِ حُنجرتي
وتَجْرَحُ دَمعَتي عَينَ السماء
…
لا .. لا .. لا ..
أمي لم تمت
عُذراً منكَ يا قدر
….
إنها مدفونةٌ في تلابيب
أحشائي
تُشيعها دُموعي مع كل فجر
وعصرٍ وإذا جنَّ السهر
…
إنها لم تفارقِ الحياة
بل رُوحُها مسافرة
في وطن أوردتي
كغُصَّة هَجر
…
ما زال شذى ألسِنةِ البُن
يعبَقُ بذاكرتي ويخترقُ أنفاسي
كسحابةٍ حُبلى بأشجانِ المطر
…
حنانُ صوتكِ يحتضنُ
آذاني ويغرق في عمق
ذراتي
…
أشياؤكِ
صوركِ
تختبئ بين ضلوعِ الصدر
تُطِلُ مع كلِ همسةِ قَدر
…
يأخذني عبقُ الياسمين
الذي كنتُ آُطوق به عُنقكِ
إلى عالمٍ من السحر
أقطفُ منهُ حَفنةَ عطر
تُبقيني على قيدِ حُبكِ … بَقية العُمر
…
« هـــالة حجـــازي »