تناولت قرص النوم .. أعانتك ذات الثلاثين حوْلا على الجلوس .. تمددت ..
صدرُك يُصدر سُعالا خفيفا بين الفينة والأخرى .. استرخت أطرافك ..
استرخى هيكلك .. دثرتك بغطائك المعهود حين يُسدل الصيف حرارته .. همّت
بالانصراف .. بادرتها:
ـــ ما لك تتعجلين الخروج ؟؟
ـــ …………………………..
ــ فلتحاول إحداكُن إيقاظي عند صلاة العصر !!
تنهّدت .. وبعينيْن أعياهُما سهرُ الليالي رمقــتــك .. و بصوت حزين
أجابتك مذعوره :
ـــ سمعا و طاعه .. سنفعــل .. ستفعل إحدانا !!
سماءُ الصمت تمادت في رش كيانك .. في تعطيل ذهنك من أن يعيش الحاضر ..
شريط الأيام الخالية لا يكاد يُنهي استعراض مشاهده في حناياك .. امتدت
إلى ذاكرتك يـــدُ العُمر الدفين في مقبرة الدنيا توخِــزُك .. تــُغويك
.. تشير عليك بتفقد يوم واحد لك فيه موقف في الوسط الاجتماعي .. تذكّرت
تشدّدك على بناتك الأربع اللائي أنجبت .. خيرة .. مبروكة .. عائشة ..
فتيحــه .. لم تغفل عن حشد الرّقـــى والتمائم لهُن .. هُن جميعا يأتمرن
بأوامرك غير القابلة للطعن .. ولداك المتعلمان لا رأي لهما عندك ..
طردتهما .. والدة هذا الجيل لا تفتأ تشكو في عقر دارك ضعف القوه و قلة
الحيله .. جذبت الوساده .. ثبتها تحت رأسك المليئ بالتناقضات .. أخفيت
جسدك من أسفله إلى أعلاه .. قرص ( البيرياكتين ) فعل في دماغِك فعلته ..
رأيت رؤيا .. أشخاص مُلثمون يُطاردونك أنّى حللت .. قبضوا عليك ..
أحكموا وَثاقك .. شِفاههم تردد :
ـــ لماذا يا مذنب ؟؟ .. لماذا يا آثم ؟؟
الناس من حولك مكتفون بالنظر .. حلوا أغلالك .. أخذوك .. وضعوك على حافة
بئر سحيقه .. صرخت .. وجدتَّ نفسك قاعدا على فراش بلا غطاء .. العرق
يتصبب من كل مسام بشرتك .. غـُـددك الدمعية على وشك إفراغ ما في الجعبه
.. قلت مخاطبا نفسك ، ماسحا بكلتا يديْك عرق وجهك :
ــ ماذا جنيْــت ؟؟ .. ماذا فعلت ؟؟ .. إنه نذير شؤم هذا الذي رأيت
!!.. صحوت من هذيانك .. ناديت بصرخة مُدوّيه .. جاءتك عائشة على عجل ..
قالت والعبرات تكاد تسبقها :
ـــ أمرك أبي !!
أشرت إلى علبة الأقراص .. شفتاك تلحان في الطلب :
ـــ هات قرصيْن .. ما لك مشدوهه ؟؟ .. أين الماء ؟؟ ..
أخذ القرصان طريقهما إلى أمعائك .. تقلبت يَمنة و يَــسْره .. ودّعت حالة
اليقظــه ..زغاريد متتالية تخترق أجواء غرفتك .. أصوات أبواق السيارات
تسللت إلى مخدعك .. أحاديث متداخلة تقض مضجعك ..لم تتبيّن منها غير قول
أحدهم وهو يُخاطب غيرَه:
ـــ اطلب من سائقي السيارات أن يتقدموا .. قد يُدركنا وقت المغيب !!!
استيقظت كلية .. أزحت الغطاء من على رأسك .. سحبت رجليك ..يُمناك تحاول
أخذ رفيق الأيام الأخيرة من عـُمـُرك .. أمسكت بالعكاز .. و رغم انحناء
الظهر اعتدلت واقفا .. و كالساري في حالة نوم ، رُحت صوب الباب الحديدي
.. فتحت .. اندهشت عيناك .. الشارع يعج بالوجوه الضاحكة المستبشره ..
سيارات مُــصطفــه .. فتيات في عـُمر الربيع يمتطين الكراسي الخلفيه ..
يتغامزن .. يتضاحكن .. سألت الواقف حذاء بابك :
ـــ أ هو عرس جارنا ؟؟
أجابك بنوع من اللامبالاة :
ـــ إنه عرس إحدى بناته .. أظنها الأخيرة لديه .. هل كنت غائبا عن الــبَــلده ؟؟
لم تــُــجبْه .. شعرت بما يُشبه الإرهاق يسري في أوصالك .. تراجعت إلى
الوراء .. دخلت منزلك .. حالتك أنستك إحكام غلق الباب كما العاده .. و
بخطى حائره ، سارعت إلى حجرة نومك .. دلفت إلى عمقها .. فــتـشـت ..
تمردت أنفاسُك عن رئتيك .. توقفت .. أعدت التفتيش .. تناثرت أوراق أرشيفك
..حُجرتك استحالت إلى مكتب إداري مُهمل ..واصلت التنقيب .. اهتديت إلى
دفترك العائلي .. تأملت ظاهره .. تصفحت وُرَيْقاتِــه .. أذناك لا
تستطيعان صدّ زغاريد السيارات والحناجر .. العرق لم يستح من تجاعيد وجهك
..إلتهمت عيناك تواريخ ميلادهن .. إرتعشت يداك .. سَهت أناملك .. سقط
الدفتر .. وفاضت عيناك ، بعدما اعتلى صدأ البَــوَار قلوبَ من أنجبت
ذات زمـــن .