فاصلة منقوطة/ بقلم: منال الشربيني( مصر )

ليس بعد إبادة شعب، وتجريف أرض من سكانها الأصليين، وتغييب جغرافيا وملامح وثوابت دونتها الجداريات و شواهد القبور، على وجوه الصخور لغةً وعراقةً وحضارةً وأديان، ذنب..
ولا مجال، لدي، على صعيد شخصي، أن أقتنع بأن نصرا ما قد تحقق على أرض الواقع، فالمشهد في غزة، بما صار إليه الناس من بدائية في كل شيء مقارنة بعقول شعب درج على الحضارة والتميز، ليس إلا فشل ذريع وسقوط لكل القيم، التي يدَّعي البعص باسمها، أن ما حدث في السابع من أكتوبر إنما كان يهدف إلى تحرير فلسطين.
فأي تحرير هذا الذي يترك خلفه كل هذا الدمار النفسي والمعنوي، ولا يقنعني أحدهم أن من فقد عائلته قتلًا وتشويها ورميا بأحلامهم عرض الحائط، بغتةً، أنهم بشر بلا قلوب، مهما أظهروا للعالم من تماسك، لا يقنعني أحدهم أن الثكالى والأرامل والأيتام ينامون بخير، مهما بلغ بهم حجم الرضى بقدر الله..
إنها “مصيبة الموت” يا سادة.
ولا يقنعني أحدهم أن “حسام” أصبح بين ليلة وضحاها، حريص على الأرض والعرض، لمجرد خروج واحدة من الأسيرات موزعة بين فرحة العودة إلى ذويها وانفطار قلبها لفراق “خاطفيها” ..هذا مشهد يلخص لي، على صعيد شخصي للغاية، أن الكواليس رأي آخر مقارنة بحال أسرانا في الجانب الصهيوني وما رأيناه من بتر، ومعاناة نفسية، وفقدان ذاكرة..

رسالة حماس للعالم جسدتها “لقطة وداع الفتاة الأسيرة” بينما تودع آسريها.فهي رسالة شبيهة بمقولة:” علينا الحفاظ على سلامة الخاطف والمخطوف..”

هذه ليست حرب، هذا “إرهاااااب”
وإفساد في الأرض، ولا رادع له غير ” حد الحرابة”.

أما على صعيد تصعيد الأحداث أو الاتفاق على هدنة ما، يخبرنا المشهد أيضا، أنه جاري سيناريو الإبادة، ولكن نظرا للظروف الاقتصادية في الجانب المغتصب، تم الاتفاق على نوع جديد من الغارات وهو “غارة بالتقسيط”، ( يعني نحارب يوما ونستريح يوما)، والخاسر في كل هذا هو شعب غزة( كبش الله المختار)..
أما الفائز الأعظم فهو “سماح”
فقد أصبح لديهم جمهور وبندقية..

ولما تزل مصر تلعب دور رجل الإسعاف ولما تزل من “الأنصار”، إذ لم تختلف كثيرا مصر “يوسف” عن مصر “السيسي”..

هذا، وستظل لفظة هدنة، بالنسبة لي، كوني لغوية، تحمل معنى”فاصلة منقوطة”.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!