الدولة الدينية والدولة المدنية/بقلم: عادل الامين( السودان)

– الدولة الدينية يختار رأسها الله جل جلاله ، بينما الدولة السياسية ينتخب الشعب أو الحزب رئيسها او ” أهل الحل والعقد بلغة السلف ” .. أو يرث الملك عن أبيه أو عمه أو أحد قرابته ، أو يستولي على السلطة بانقلاب دموي أو أبيض .
2- الدولة الدينية يقف على قمتها رسول يوحى إلية من قبل الله تعالى والدولة السياسية يحكمها بشر عاديون .
3- الدولة الدينية يظل رئيسها طيلة حياته على اتصال بالسماء في كل وقت بالنهار والليل ، في السفر أو الحضر ، بينما علاقة رأس الدولة السياسية بالسماء منقطعة فلا وحي ينزل علية ، وصلته بالله ارتفع ذكره كأي مخلوق أخر بخالقه .
4- في الدولة الدينية رأس الدولة يبقى محروساً من السماء بواسطة جنود ربه – الذين لا يعلمهم إلا هو ولذلك لما نزلت أية ” والله يعصمك من الناس ” 67/5 صرف الرسول الأعظم محمد “ص” حرسه مكتفياً بحراسة جند الله وقال : لمن كان يحرسه من الصحابة ” انصرفوا ايها الناس فقد عصمني الله ” تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن الإمام القرطبي المجلد الرابع ص 2241 كتاب الشعب طبعة دار الريان للتراث / القاهرة .. أما رأس الدولة السياسية فلا يستغني عن حرسه . وإذا غفل عن ذلك تعرض للاغتيال من أحد المحكومين كما فعل ابو لؤلؤة المجوسي مع الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعبد الرحمن بن ملجم مع علي بن ابي طالب كرم الله وجهه .
5- في الدولة الدينية توالى السماء رئيسها بالمشورة في كل معظلة صغيرة أو كبيرة ، والذكر الحكيم يقص علينا العديد من ذلك نكتفي بمثلين اولهما ورد في سورة المجادلة عندما جاءت خوله بنت ثعلبة إلى الرسول الأعظم محمد “ص” تسأل عن الظهار وتشتكي ما فعلة زوجها بها ، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها فما برحت ” خوله أن غادرت حجرة عائشة ” حتى نزل جبريل بهذه الآيات ” قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ” 1/58/”ب” .. والآخر روي ابن حرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس ” رضي الله عنه ” أن رجلين تداعيا إلى نبي الله داؤد “ص” في بقر ، ادعى احدهما على الآخر أنه اغتصب منه فانكر المدعي علية ، فأرجا أمرهما إلى الليل ، فلما كان الليل أوحى الله إلية أن يقتل المدعي ، فلما أصبح قال له داؤد : ( إن الله قد أوحى إلى أن أقتلك فأنا قاتلك لا محالة فما خبرك فيما ادعيته على هذا ؟) قال : والله يا نبي الله إني محق فيما أدعيت علية ، ولكنني كنت قتلت أباة قبل هذا . فأمر به داؤد ” س ” فقتل فعظم امر داؤد في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً ، وذلك قول الله تقدست أسماؤه في شأن داؤد “س” : ” وشددنا ملكة وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ” 20/38 “ج” .. إذن وحي السماء مع رأس الدولة الدينية في كل نازلة تعرض له سواء اجتماعية أو مسألة أحوال شخصية ” كالظهار ” أو قضية مدنية / جنائية ” الاختلاف على ملكية البقر ، القتل ” .. أما رأس الدولة السياسية فهو يعتمد في حل ما يصادفه من مشكلات على عقله وتفكيره وعلى الوزراء والمستشارين والخبراء ذوي الاختصاص المحيطين به .
6- في الدولة الدينية مدد السماء لا ينقطع عن رئيسها فنرى الله جل شأنه يسخر له الجبال والطير ويلين له الحديد ” داؤود س ” ويعلمه منطق ” لغة ” الطير ويسخر له الجن والإنس ويسخر له الرياح العاصفة والشياطين والغواصين ” ” سليمان – س ” وأرسل الله كتيبة مسلحة من الملائكة بقيادة جبريل “س” في غزوة بدر الكبرى لتحارب مع رسوله الأعظم محمد “ص” ومع المسلمين ” ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة مسومين ” 124/3 ” واخرج ابن أبي شيبه في المنصف وابن ابي حاتم عن الشعبي : أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين فشق عليهم فانزل الله : إذ نقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ، إلى آخر الآية فبلغت كرزاً الهزيمة ، فلم يمد المشركين ولم يمد المسلمين بالخمسة “د” .. في حين أن رأس الدولة السياسية لا تقدم السماء له آية مساعدة : مثل الملائكة أو الجن أو الشياطين أو الرياح أو الطير .. الخ إنما علية أن يعتمد على ملكاته وقدرات شعبة .
7- طاعة رأس الدينية فرض ديني ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” 7/59 ، بل إن هذه الطاعة هي محك الإيمان ” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ” 65/4 وليس الأمر كذلك في الدولة السياسية إذ لا صلة بين ظلمة المحكوم للـحاكم فبها وبين إيمانه وعصيانه إياه لا يقدح في دينه .
8- المعارضون لرأس الدولة الدينية إما كفار مصيرهم جهنم وإما منافقون في الدرك الأسفل من النار ، أما المعارضون في الدولة السياسية فقد يعرضون أنفسهم لعقاب دنيوي فحسب يصل أحياناً إلى حد التصفية الجسدية ؛ إنما لا شأن له ” العقاب والجزاء ” بعقيدتهم ” الدينية ” فعلى سبيل المثال الصحابي الجليل سعد بن عبادة سيد الخزرج “ض” لم يبايع أبا بكر ولا الفاروق عمر بن الخطاب “رضي الله عنهما ” واستمر طوال حياته معارضاً لهما لا يصلي بصلاتهما ولا يجمع بجمعيتهما ولا يفض بإفاضتهما “د” وظل كذلك إلى أن قتلة الجن في الشام ولم يجرأ أحد على إن يدعي بأنة كفر أو نافق .
9- رأس الدولة الدينية معه كتاب أوحى به إلية فقد أنزل على الرسول الأعظم محمد “ص” القرآن وقال الحق تبارك وتعالى ” وأتينا داؤود زبور ” 55/17 ” وورث سليمان داؤود ” 16/27 ومن بين ما ورثة ” الزبور ” وما به من حكمة وعلم ” ولقد أتينا داؤود وسليمان علما ” 15/17 وفي ” الكتاب المقدس ” توجد ” أمثال سليمان ” ” ملك إسرائيل ” بلغت واحد وثلاثين اصحاحا ” ونشيد الإنشاد الذي لسليمان ” واصحاحاته ثمانية وهذه الكتب المنزلة تشد من أزر رأس الدولة الدينية وتعززه وتمنحه القداسة وتوقع في نفوس محكوميه ..والاذعان له..وآخر كتاب مقدس هو المصحف الشريف الذى نزل على نبينا محمد (ص)
10- ختاما ان الدولة الدينية ارتبطت بفترة زمنية محددة كان مسك ختامها الرسول الكريم وان ما تلى ذلك منذ سقيفة بني ساعدة الى اليوم هو الدولة السياسية…وترك امر النظام السياسى مفتوح يتطور مع تطور الزمن مع تحديد اطر عامة للحكم العادل يضمنها القرآن المكي ..ونجد فيه كثير من روح القيم الحديثة من توزيع عادل للسلطة(الديموقراطية وتوزيع عادل للثروة (الاشتراكية) واللامركزية الفدرالية والقضاء المستقل والاعلام الحر..بينما المذاهب الدينية المنتشرة فى المنطقة نجمت لظروف تاريخية وليس ظروف عقائدية وقدا شار لذلك ابو العلاء المعرى:
انما هذه المذاهب اسباب لجلب الدنيا الى الرؤساء
كالذى يقوم بجمع الزنج فى البصرة والقرمطى بالاحساء

وان فصل الدين عن السياسة لا يعنى تغييب الدين عن المجتمع كما فعلت العلمانية الغربية بل عدم استغلال الدين كمطية للسلطة كما يفعل ما يعرف بالاسلاميين الان..لان الاسلام عقيدة عالمية مركزه الفرد وحدوده العالم.ويمتد مع حياة الفرد بين دارين بينما السياسة علم يدرس فى الجامعات فى الكليات ذات الاختصاص وتعتمد على مواهب الانسان فى ادارةشئون البلد فى مستوى القطر وحدوده المحدودة..لذلك يكون بالتالى الحزب اطار سياسى وليس دينى ولا يقدح ذلك فى عقائد من لا ينتسبون اليه..
لذلك يجب ان تتجاوز المنطقة الايدولجيات القائمة على استعلاء عرقي او استعلاء ديني…وعندها سنعرف الخلل….وهذه المواضيع المتسلسلة ليست سوى محاولة لايجاد مسار جديد للمنطقة في مرحلة مابعد الايدولجية… الي الدولة المدنية الديموقراطية…وليس العلمانية…اكرر
كاتب سوداني

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!