حنين/بقلم:إشراف رمضاني

إمرأة وحيدة …
تدعو الصّباح على فنجان قهوة بلا سكّر
تريدها استثنائيّة
تنشّط وفاءه لموعد واحد
فيبادرَ بطلبِ يدِ أنسِها ومصاهرةِ وحدتها
سليلة الاشتهاء الفيروزي العتيق
كما كان يفعل زوجها قبل أن
يتركها تشربُ يوميّا على الرّيق أحزانها المرّة في…
فنجانيْن بعد أن …
تضيف للأوّل قطرات من الشّوق وللثّاني قطرات من الفراق
كذلك كانت تفعل جارتها المسنّة هي وبقيّة الجارات اللّواتي
سال كحل اعينهّن مع بكاء اللّيالي الباردة
يأتينها بوجوه ملطّخة بالوحشة وبأقدام حائرة
قهوتها فقط تحوّل الرّماد المغيّم على ملامحهنّ إلى أمطار وحقول حبّ اخضر
أبناؤها أيضا لطالما اعترفوا أنّ
ايّامهم لا نافذة لها تطلّ منها على بساتين الحياة إلّا عينيها
ولكنّهم فجأة ودون سابق إنذار
قرّروا هجر البساتين الممتدّة في عينيها
حمّلوا الحياة وكلّ الطّرقات في حقائب السّفر وتركوا لها عتبة تنزف كلّما وطأتها أقدام الانتظار
ستعدّها على طريقة أمّها وجدّتها
ببنِّ أحلامها المعتّق بالهيل وقشور البرتقال الجافّة
ستطهوها على مهل …
عسى الصّباح يتمهّل هو أيضا في الرّحيل
ستطهوها على الكانون الذّي…
ملّ بدوره برد الصّمت والطّين وحنّ إلى جمر الصّباحات
ستبخّر المكان المهجور المسكون بحنينها ووحدتها
ببخور قصائدها العتيقة القابلة للاحتراق
اخذت الفكرة ترقص في رأسها على إيقاع سريع جدّا
انسجم معه نبض قلبها
فصار يتضاعف ويتضاعف حتّى…
خرّ في آخر الرّقصة
وانزلقت يداه من رقبة الفكرة تاركة عليها أثر الموت الجميل
حينها فقط وصل الصّباح على…
رائحة الانتظار الطّويل
ورائحة فوران الدّم في الكنكة
وصل متأخرا …متأخرا كثيرا

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!