هاشم خليل عبدالغني – الأردن .
إذا أنعمنا النظر في قصيدة “هدنة روح ” للشاعرة فاطمة صالح نجدها “تعزف نغمة موسيقية شجية على وتر الحياة العبثية ” ، فالشاعرة تحاول تقديم لوحة تتشكل من عدة صور: أبرزها بارقة أمل وحياة … ولكن هذه اللوحة سرعان ما تبدد على أرض الواقع والتردد والارتباك ، بسبب غياب الموضوعية والتريث والواعي .
كما نلاحظ في النص حراك وصوت داخلي مكبوت ، يشد المتلقي لقراءته بشغف.. بحثاً عن نقطة مضيئة في نفق القصيدة .
تعبر الشاعرة فاطمة الصالح عن حالة خاصة أو عامة لشخص ما، يحاول أن يعطي شيئا معيناً ، قد يكون ماديا أو معنويا ، مقابل شيء آخر( مقايضة ) ربما يكون الحب الهدوء النفسي ، الأمل الاهتمام ، راحة الضمير !!!.
فتقول :
وهو يقايض هدنة
الروح ..
تقوقعت حيرته
داخل شرنقة ..
الذهول
حين أمتطى
صحوة الرؤى
بسبب التردد والحيرة ، لم تنجح عملية ( المقايضة ) فانطوى صاحبنا على نفسه ، وانقطع عن الناس ، فعاد طوعاً سجين شرنقة الذهول والانكفاء ,
وترتب على ارتباكه النفسي وعدم وضوح الرؤية لديه وإضاعة الوقت عبثاً ، أن تسلسل الشيطان من بين مسامات التردد والإرباك ، فقذف بنيران حقده وغضبه مشككاً بما هو معلوم بالضراوة ، علماً لا شك فيه .
ليقذف شياطين العبث ..
بشهاب اليقين
وسط هذه الغيبوبة وحالة الهذيان ، والإبهام وعدم الوضوح وأكوام الغموض ، أطلت الأنانية برأسها . فانحرفت بوصلة المقايضة ، عن مسارها واختلت الرؤية فعبرت الشاعرة فاطمة صالح عن ذلك .. فقالت :
تراءى له بالأفق..
سحاب تراكمت ..
ضبابيته
وأنانية الفطرة
هذه الأنانية دعمها وشد أزرها أمران الأول :- سراب الفكرة أي ما لا حقيقة له ، من وهم مغر وخادع ، كما دعمها عدم التروي قبل اتخاذ القرار ، دون تفكر وتَدبر . وهذا ما أشارت إليه الشاعرة فاطمة في نصها المتميز حين قالت :
المدعومة
بسراب الفكرة
وجحود عيون
التروي
الأمر الثاني : جمود الفكر وعقمه الذي لا خير فيه ولا ثمرة منه ، وحين حاول صديقنا (موضوع النص التمرد ) التمرد على ألأفكار البالية جانبه الصواب.. لافتقاره للنظرة الموضوعية ، بحجج واهية سطحية عقيمة لا فائدة منها .. سادها الجدل الذاتي حين أسقطت الحوار . مما أدى لحالة من التوهان والدوران حول الذات .. وهذا ما أشارت إليه فاطمة في نهاية نصها .
بجمود مفاهيم ..
التعري ..
كسطوع . .
تمردت عليه ..
أسراب ..
ضالة..
بأسباب عقيمة ..
لا تفقه.. لا تذر ..
لا تغني عن جدل ..!!
مما تقدم نلاحظ أن النص حافل بالوجع والصداع ، الناشئ عن تنازع فكري داخلي ، كما يتبين أن ( المتناقضين ) على طرفي الصراع نتيجة تبعثر المفاهيم لن يصلا إلى نقطة التقاء ، وهذا نتيجة خلل وانحراف في هرمونات الفكر والغلو في المواقف والتناقض واستعداء الأخر ، بسبب التباين في المفاهيم .