شيزوفرينيا / بقلم : الشاعرة المصرية جهاد نوار

جارديانا النيل و حديث الصباح

 

من أسوأ الأمور التى نقابلها مَن لا يسأم مِن تكرارنفسه و حواراته المنمقة بنفس السيناريو الذى يتم توظيفه ليناسب كل شخصية يتعامل معها.

حتى أنه قد يحكى نفس الحدث الذى مرَّ به من سنوات على أنه تم أمس أو اليوم
ليكتسب شفقة الغير و انحيازهم إليه،و السهر لأجله و الكَدر لحزنه.

و قد يدمع حتى يُدمِى القلوب ألما عليه فتخُر
هالكة لأجله دون أن يَرمَش له طرف ناسيا
أن الله مُطلع على قلبه و عقله المتآمر على
الأنقياء ممن يضعون فيه الثقة و هو يظنهم
مدنسين فيستفيض فى الغِى و يخلق مملكة
من حريم السلطان.

أنماط من البشر اهلكهتها الوحدة و نَخرت
فى روحهم لعنة الامتلاك فعكفوا على الاستهانة بغيرهم و استمالة ذوى النفوس
العفيفة و الروح النقية ليصلوا لأغراضهم
المريضـة.

و مما يُحزن أنهم لا يرتجعون بوازع التوبة النصوحة،و يرحموا أناسا كل ذنبهم أنهم لا يفرقون بين دموع التماسيح المترقبة لالتهام
مُصدقها و بين دموع الحزين المبتئس حقا.

فهل ينجح كورونا و غيره من الابتلاءات التى عمََّـت على العالم كله بسبب مثل هؤلاء فهم ضلع هام فيما يحدث،و لا يقُل أى إنسان أنَّ
ما حولنا الآن ليس غضب من الله.

بل هو من عموم الظلم و الفساد الكائنين فى أرجاء المعمورة على حدٍ سواء.

ظلم القلوب المهووسة بنزواتها الشرهة لامتلاك ما ليس لها بقوة حتى تقضى عليه
ثم تُناصبه العداء،و تدَّعى أنها هى الشهيدة .

ظلم الأبناء لأبائهم و عقوق فچ بالقطيعة
يتلوه ذنوبا من أفعالهم التى تسحق أحلام الوالدين فى حياة أرغد معهم ،حتى أن بعضهم يحجر على ابيه فهو بالنسبة له مجرد حصالة يحجز ما بها .

ظلم الأباء لأولادهم ممن يستنزفون الوقت
فى العبث لأجل انفسهم بدلا من التقرب من فلذات أكبادهن و بعد ذلك يلقون باللوم عليهم و هم أولى بحبهم و قربهم.

ظلم من قاطعى الأرحام فيهجر أخاه و يهجر
أخته بل يكون سندا و ظهرا لطوب الأرض بماله و وقته مقابل تفاهاته و نزواته،على أن يتصدق على أهله و عصبته و لو بكلمة ظنا منه أنه بهذا هو على حق و لا يدرى أنه ظالم نفسه و أهله.

ظلم من أكلة حق التيم و السطو على ميراث
الأخت التى جعل لها الخالق نصف نصيب الرجل ليس اعتباط ،إنما لأن النصف الآخر
هو مودة الأخ لها و الوقوف جوارها مهما كانت فهى من رحم واحد خرجت معه و أولى
من نساء الغير او زميلات العمل و الصحبة
بالسؤال .

ظلم الزوج لزوجته بهضم حقوقا معنوية قد
تؤَدى بها للهلاك بسبب حبه القاتل تارة
و غروره تاره،فالحياة الزوجية ليست المال
و الطعام و السيارة و الأطفال و علاقَـة حميمية،فالمتعة بكل هذا يلزمه الاحتـواء الفكرى و الالتحام المعنوى .

ظلم الجار لجاره و الذى نشهده جميعا و يظهر جليا فى المُدن أكثر لأن كل إنسان ما عاد يهتم إلا لحالــه و انبتت عروق المـروءة و الأمانة

و نسوا أو تنساوا حق الجار و ما أوصانا به الحبيب محمد عليه الصلاة و السلام كما قال انه ظن من وصايا جبريل أنه سيورثه .

ظلم و ظلم و ظُلمات تحيط بنا على كل جانب
تصفعنا من آن لآخر و نحن لها عبيد مُستَرَقين بقيد الرغبة و التنطع بلا وَجل .

الاستخفاف بحرمات الغير و ولوج أعتاب البيوت خِلسة،و تدنى الفكر فى العودة لسوق النخاسة و الاستهانة بالعهود من مُتأنقى رابطة العنق التى تخفى خلفها أوردة شرهة لامتصاص دماء الضعفاء ،و قلوبا غير خاشعة و نفوسا غير سوية فلنا الله فيهم.

فهل حان الوقت لكى يرى كلَّ ظالم وقع خطواته تأخذه إلى أين، و كيف بات من الضالين لنفسه و لغيره.

و يخرج مِن قطيع الهلاك و لا يقُل إلا ما يفعل، إن مِرآة النفس هى العيون ففيها
ترى نفسك بوضوح،و تعلم قدرك .

فما معنى أن تتوضأ لتُصلى ثم تستعد لفسق و تصوم رمضان كتوبة لشهر يتلوها خطيئة تسبقه بالذنوب لتتوب و بعده تعود ثم نجدكم
تنادون بعضكم بالفايسبوك الفجر أثابكم الله، حتى كثرت بوستات السخف و الاستظراف

فاليوم أصبح صلوا فى رحالكم،فتوبوا عن رذائلكم التى طالت من لم يكن يوما منكم.

جاردى

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!