رجع أيلول /المهندس قاسم الحوشان عياش

لصحيفة آفاق حرة:
_______________
رجعْ أيلولْ
يعزف على اوتارِ أيامي

اصدقائي صديقاتي :

هذا هو ايلوليَ السبعين ……أطلَّتْ عليَّ عينيهِ من فوق سورِ عمري….. لتسترقُ حالتةَ موتيَ الجميلْ …..اطلالتهُ وتلصصهُ تذكرني …….بمايتساقطُ من اوراقِ ايامي ….المعلقةِ على شجرةِ عمري ……ترقبُ انهيار وتساقط احلامي…….
فأيلولُ يكشف عن حقيقتي ……كما أوراقهُ المساقطةُ على كلِّ أرصفةِ طُرُقي …..وعلى أمها اوراقه الباقيةُ تنتظرُ دورها وهي كلُّ منْ بقيْ …..،
كما حبَّاتُ ساعةُ الرملِ تتساقطي ياأيام عمري……
مهرولةً نحو الأسفل متناقصةً …..مقرِّبةً نهايةَ أيامي…..
فمهما كنتُ مكابراً فأيلولُ السبعين يمثلُ مرحلةً من عمري ومن خالتي …..التي سقطت وتسقطُ بها أوراقي ……بعد أن كنتُ سندياناً شامخاً نضراً . ….تظهر بقدومكَ ياأيلولُ حقائقَ عمري …..بعد أن فاتَ أواني.. . .
مسكينٌ أنا ومسكينٌ أيلولُ عمري السبعيني …….! فيا أيلوليَ السبعين لاأراكَ وسيماً كالصيف …و.لا غزيراً كالشتاء. ….أنت من نزعتَ ثماري عن أفرُعي….. !من حدائقِِ عمري …..وأنت من سرقتَ ألوانَ قوسَ قزحي …… . انتَ انتهاءُ أحلامي …. فبإطلالتكَ وتلصصكَ عليَّ سرقتَ جُلَّ أحلامي …..، انتَ وحشٌ التهم كل شىءٍ فيَّ غيَّرتَ إيقاعَ طبيعتي …..،
أوصلتَني الى الأيامِ الأخيرةِ من عمري …بعدَ ان غادرني ربيعهُ قرَّبتني ……من الإخلاءِ نعم اخلاءُ المكان لمنْ اصطفَّ خلفي ……، بقدومكَ غزى الشيب مفرقي …..وتيبستْ مشاعري …..، بكَ بقيَ رصيدي من الحياةِ الدعاءَ وياألله حُسُ خاتمتي….. ، غادرَ قطاري محطةَ لذَّتي …..وصرتُ أنتظرُ على المآذن اعلانَ الشوطَ الأخيرَ من رحلتي ……

لماذا ياأيلولي؟

لماذا لدي من الفراغ مايملأ كؤوس حارتي ……، روحي ماضيةٌ تُقصدِرُ وتتبخترُ الهوينى في ذاكرتي…….
بقدومكَ أصبحتْ حوائجي …..أبعدَ من طعامي وملبسي ومشربي …..، وحتى دوائي وكلَّ أشيائي…….،
اهمَّ من ذلك بكثير عقلي الواسع …….الذي أصبحَ لايتسعُ لشيءٍ ويضيقُ من نفسه برؤيةِ حالتي….. ،
بقدومكَ صِرْتُ أغار من احفادي أحبتي …..للإفراطِ في الحنوِّ عليهم من آبائهم ابنائي …..، أسعد بمن أحدِّثْ فيستمع وآنس وأسعدُ بمن يبدو سعيداً بوجودي حين عودتي ……
يؤلمني الهاتف النقال في الزوايا المعتمةِ لأنه يُبعِدُ عني ابنائي وافراد أسرتي …… . أرقدُ ويفرُّ النومُ من عيني ….، وآكُلُ ولا تهضمُ الطعامَ معدتي …..، أضحكُ وبعيدةٌ عني فرحي …..،
دمعتي تتوارى خلف بسمتي ……، لم أعد عمودُ البيتِ كما العربُ شبَّهني ….، فقدتُ أجدادي وأبي وأمي والكثير الكثير من رفاقي ومن همُ صُحبتي ……
بقدومك ياأيلولُ قلبي جريحٌ ، ونفسي مطويَّةٌ تحضنُ حزني…. ، فقدتُ الكثير من حيويتي ……وسلامةَ قلبي وصحَّةَ جسدي …..، ورونق شكلي ….، ومجدُ منصبي ….، وضجيجُ حياتي ….، وصخب دُنيَتيْ….. .
وعلى حافةِ عمري يؤلمني غزوُ الشيبُ لمفرقي…..
اخاف ….من السنين الجاريات ركضاً…. اخاف من تجاعيد الايام …….قلت لها تجملي ….لأجلي يوماً بالغبطة….. والضحكات …..اشاحت بوجهها عابسةً ….وفي وجهها ألمْ …..نزفَ على شفاهها ….ورددتْ صداها شفاهي .

قال الشاعرالقصيبي :
ماذا تريدُ من السبعينَ.. يا رجلُ؟!
لا أنتَ أنتَ.. ولا أيامك الأُولُ
جاءتك حاسرةَ الأنيابِ.. كالحَةً
كأنّما هي وجهٌ سَلَّه الأجلُ
أوّاه! سيدتي السبعونَ! معذرةً
إذا التقينا ولم يعصفْ بيَ الجَذَلُ
قد كنتُ أحسبُ أنَّ الدربَ منقطعٌ
وأنَّني قبلَ لقيانا سأرتحلُ
أوّاه! سيدتي السبعونَ! معذرةً
بأيِّ شيءٍ من الأشياءِ نحتفل؟!
أبالشبابِ الذي شابتَ حدائقُهُ؟
أم بالأماني التي باليأسِ تشتعلُ؟
أم بالحياةِ التي ولَّتْ نضارتُها؟
أم بالعزيمةِ أصمت قلبَها العِلَلُ؟
أم بالرفاقِ الأحباءِ الأُلى ذهبوا
وخلَّفوني لعيشٍ أُنسُه مَلَلُ؟
تباركَ اللهُ! قد شاءتْ إرادتُه
ليَ البقاءَ.. فهذا العبدُ ممتثلُ!
واللهُ يعلمُ ما يلقى.. وفي يدِه
أودعتُ نفسي.. وفيه وحدَه الأملُ
——-
ارجوكم اعذروني ان اثقلتُ عليكم ياأحبتي…..
من صديقٍ لكمْ غزا الشيبُ مفرقهُ فتألَّمْ وباحَ مابصدرهِ لكمْ ياأخواتي واخوتي .

دمتمْ اصدقائي ودامتْ ايامكمْ وكلَّ اوقاتكمْ.
_________
درعا /سوريا
م . قاسم الحوشان عياش

عن هشام شمسان

هشام سعيد شمسان أديب وكاتب يمني مهتم بالنقد الثقافي والأدبي ، ويكتب القصة القصيرة والشعر . له عددمن المؤلفات النقدية والسردية والشعرية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!