هلوسات ما بعد التخدير / بقلم : الروائية عنان المحروس

 

 

كيف تتيقن من أنك في غرفة العمليات الجراحية ؟؟

 

عندما يصيبك الهلع من صوت حفيف الأدوات الحادة ، المسجاة على طاولة  قريبة بغطاء أزرق ، وهي توشوشك بلهفة :

سأعقد مع جلدك الناعم ، بعض الاتفاقيات المؤلمة .

 

عندما تتمسك بغطاء رقيق بيديك المرتجفتين ، علّه يقيك من صقيع خوفك  ،لكنه يتمرد بلؤم منسلًا من بين أصابعك ، وهو يهمس بدناءة:

حصحص الحق ، الآن سيخترقون جسدك العاري بمقابض من حديد .

 

تهاب بشدة مزاعمهم الخرقاء ، فتعود إلى أصولك الإنسانية ، مجرد مخلوق ضعيف مذعور .

تبدأ بالدعاء لروحك المرتجفة ، بلهفة التمني بالنجاة ، و بالخير لكل حبيب قريب ، وتعاف نفسك أن تذكر من أضمر لك الشر بسوء ، بل تسامحهم عن طيب خاطر .

 

في نفس اللحظة ، وقبل أن تُنهي صلاتك مع خالقك ، يفاجئك ظهور الأشباح المكممة ، من خلال الجدران المعتمة الباردة ، محملقين إلى فريسة لاحول لها ولا قوة .

و تكتشف .. أنت هي الفريسة …

 

يتجاهلون صَريف أسنانك ، فتمضغ خوفك مجبرًا ، حين يطالبونك بالعد الحسابي

واحد .. اثنان .. ثلاثة

لكنك تعترض بشدة ، منحازًا لعمق تعلقك بأبجديتك ، ثم تردد منصاعًا لطلبهم :

ألف .. باء .. تاء

و تغيب ..

و تغيب معك الأوجاع و يتلاشى طيف كل من سبب الألم لك يومًا ، ويرتاح عقلك المرهق من الأفكار والتحليلات الحياتية  اليومية المعقدة ، طوال تلك السنون التي مضت من عمرك .

 

لاتهتم لشيء ، تَنسى وتُنسى .

 

ثمَّ من جديد

وبغتة..

يعود الإحباط ، ليعلن انتصاره مرة أخرى على راحتك العميقة ، بسماع عبارة فرح مكررة ممن حولك  يلتقطها لسانك ليرددها  معهم بصوت لايسمعه سواك :

 

… الحمدلله على السلامة …

 

( لم أغادر .. ما زلت هنا )

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!