آفاق حرة
كتب الدكتور سمير محمد ايوب
اضاءة على المشهد في لبنان
كل ما يطفو على سطح الاحداث في لبنان ، الكيان السياسي منذ قرن تقريبا، مؤسف للغاية. ومما يزيد طينه بللا وأسفا، أن الطافي على السطح، هو الاقل مما يمور في الباطن من رسائل حقد وتكاره معمدة بالدم المجاني . والعلة الابشع لما في الباطن او ما على السطح، تكمن في سلم الاولويات المصلحية، لمافيات الهبش هناك على حساب اولويات كلِّ مَنْ في لبنان.
قرن مضى على سلخ لبنان بقوة التآمر وانحراف الولاءات ، عن سوريا الام الأصيله، واستبدالها بام لقيطة بديلة هي فرنسا ” الرؤوم ” . الأمور منذ التأسيس، ما زالت الى حد كبير، تراوح مكانها، بلا أفق لتغييرها بشكل جذري ونهائي. فُجُلُّ اللاعبين الاساسيين هناك، اقطاعيون سياسيون طائفيون، شركاء في الفساد المتفاوت في الكم فقط، لا في النوع. لو حشرتهم في مليون قالب لا ينعدلون بل يصرون على البقاء عوج. وإبقاء لبنان مسرحا، لتصفية الحسابات الدولية، وصندوق بريد للرسائل الاقليمية الحارفة للانظار والمؤسسة لإحداث فوضى امنية. وفق الطلب.
ونحن بالقطع وبالضرورة ، ندين كل عمليات الاغتيال الفردية والجمعية والجماعية في لبنان وفي كل مكان، نرى أن النقاش والجدل حول تفاصيل تصفية اشهر محرض على حزب الله وومحور المقاومة ربيب الادارة الترامبية الامريكية في لبنان، ومدلل السفارة الالمانية في بيروت، والمقيم في معقل حزب الله في الضاحية الجنوبية من بيروت، الضحية لقمان سليم، وتبعات ذاك الجدل ، ومضامين الرسائل السياسية لخريطة الاتهامات العشوائية التي تم توزيعها، حملت رسائل لأكثر من عنوان داخلي وخارجي ،تشبه تلك الرسائل التي تمت في اعقاب اغتيال انطون سعاده ، كامل مروه، معروف سعد، رشيد كرامي ، كمال جنبلاط ، طوني فرنجية وداني شمعون، وحسين مروه، واجتياح احياء النبعة والكرنينا والمسلخ وباص عين الرمانه، تمهيدا لقتل مخيم تل الزعتر ومخيم صبرا ، ومن قبلهما اسقاط دير القمر والدامور.
تم تصميم فن القتل في كل هذه الاغتيالات وما فيها من تكاذب، وتبرير وتوظيف، لتبدو صادقة، صدقا يوازي ما تلاها من صدق مواز في جريمة اغتيال الصحفي جمال الخاشقجي
على الرغم من الوضع المأساوي الكارثي الذي يعيش فيه لبنان، وصرخات الوجع واليأس، فإن منظومة أكلة الجبنة وتحالفاتهم الشيطانية، يتلهون بتراشق كرات الثلج السياسي، فلم تفلح كل الوساطات المخلصة والمغرضة والمشبوهة، بتغيير ثوابت ومرجعيات واولويات اي من اللاعبين، في العلن او في السر.
لا يبدو في افق الاهتمامات المتزايدة دوليا واقليميا وعربيا، ان هناك من هو في وارد تقديم حل نوعي، ينقذ لبنان ومصالحه، على حساب مصالحه الاستراتيجية في الاقليم، أو على حسابات بيادقه الفئوية الضيقة. وهي في جلها بيادق مدعومة من العدو الصهيوامريكي وتوابعه في العالم وفي الاقليم، وتلك مجاميع قوى معاصرة، ذات قدرة مادية على الارض مدعومة بنفوذ مصالح هذه القوة الاقليمية المهيمنة او بسلطة شياطينها، وجمهور يتلهى بمراقبة موازين القوى وأثقالها الرجراجة على الارض او في قادم الايام.
سيبقى لبنان بهذه الدوامة، الى ان يتحلل او يتفكك، مالم يتجسد تفكير معمق موضوعي في جذر ما يجري، تفكير عابر للاقطاع السياسي المتلفع بالاقطاع الطائفي والمذهبي . والعمل الفعلي بوتيرة متسارعة، لخلق صدمة سياسية، تحدث خللا عميقا في التوازنات، وتعيد خلط الأوراق الاساسية من جديد، قبل ان يتفكك البلد ويغرق بكل من فيه وما فيه.
أختم بالقول : حذار حذار، اذا استفاق نيام الجياع من الناس.