كتب مصطفى الخطيب.”الرجل ذو الوردة الحمراء”. قصة قصيرة

لآفاق حرة

الرَّجل ذُو الورْدة الحمْراء
• مُسدَّس صَوْت بِريتَا تارجْتْ 9 مِمَّ أُتوماتيك – خَزنَة 16 ط – حَجْم كبير – جِرَاب وطقْم تَنظِيف – 750 جُنَيْها – ت : 000000,00000000 • أسد مُحنَّط – حَجْم طَبيعِي – تُحفَة – نِهائيٍّ 25500 ج ت : 000000000
• قِطٌّ مَفقُود هاميلايَا – عُمْر سنتيْنِ – اَلعُيون زَرْقاء ، أَبيَض الشِّعْر بِبقع بُرْتقاليٍّ غَامِق على الذَّيْل والْأذن – فقد يَوْم 25 \ 6 \ 2013 – اَلقِط مريض ويحْتَاج عِلَاج دَورِي – مُكَافأَة مَالِية فِي حَالَة اَلعُثور عليْه – ت : 00000000,0000000 00
• أَشرَس كَلْب حِراسة بيتبول – مُواصفات مُمتازَة – تَغذِية مُمتازَة – عُمْر 50 يوْمًا – بِسعْر مُغْرِي – ت : 00000000
• مَطلُوب وبجدِّيَّة نَياشِين ، أَوسِمة ، ميدالْيات تِّذْكاريَّة لِلْقضَاة ، مَلكِي أو جُمْهُوري ، أو أيِّ شَيْء قِيم وقديم، كاش بِأعْلى سِعْر – ت : 00000000 . . . تَوقُّف كثيرًا عِنْد تِلْك الإعْلانات ، تَردَّد صداهَا فِي نَفسِه : – ” مُسدَّس صَوْت ! ” ، ” أسد مُحنَّط ” ، ” نَياشِين ” ، ” أَوسِمة ” ، ” مِيدالْيات ” ، كُلُّ حَاجَة قَدِيمَة لِلْبيْع، رُوبابيكيا، هذَا مَا آل إِلَيه حَالِك يَا جِنرال !
حطَّ بِالْقرْب مِنْه عُصْفُور ، أَخْذ يَنْط وَيقفِز فِي حركاته السَّريعة المضْطربة، وَهُو يَرنُو إِلَيه مِن فَوْق نَظَّارة القراءة وقد اِنْزلَقتْ على أَنفِه اَلذِي بدا مُحْتقِنًا بَعْض الشَّيْء. دنَا العصْفور مِنْه حَتَّى وَقْف على كَتفِه الأيْسر كاسرًا حاجزى الخوْف والْحَذر، اِلتقَط شيْئًا مِن قَلْب الوَردَة الحَمْراء التى يَضعُها فِي جَيْب الجاكتِ اَلعلْوِي، وَفِي لَحظَة طار بَعْد أن ترك لَه ذِكْرى على كَتفِه لَم يَشعُر بِهَا، أَخْذ يتتبَّعه بِشَغف حَتَّى اِختفَى بعيدًا بَيْن الأشْجار.
اِجْتَاحَتْهُ نَوْبَةٌ عَارِمَةٌ مِنْ اَلنُّوسْتَالْجِيا، اِنْهارتْ لَهَا كُلِّ حُصونه الدِّفاعيَّة، تَفقَّد حياته مُنْذ كان طَالَب فِي اَلكُلية العسْكريَّة، مرَّ على مَحَطات مُشَرفَة وَأُخرَى مُخْزِية، يتذكَّرهَا اليوْم كأنَّهَا حَدثَت بِالْأَمْس ، إِلى أنَّ وَصلَا لِحاله اليوْم وَمُنذ زمن مَركُون على اَلرَّف، كَتُحفَة قَدِيمَة مَنسِية علاهَا التُّرَاب، أَنتِيكا.
خَلْع نَظَّارة القراءة بِبطْء ويد مُرتعشَة، وَضعُها فِي الجرَاب اَلمُخصص لَهَا فِي جَيْب الجاكيت اَلعلْوِي بِجوار الورْدة الحمْراء، طوى جَرِيدَة الإعْلانات، تَركهَا على المقْعد الحجَريِّ فِي الحديقة، هزَّ مِقوَد الكلْب وَتركِه يقوده. عِنْد بَوَّابة الكومْباونْد قام لَه أحد اَلحُراس، أَدَّى لَه اَلتحِية العسْكريَّة بِنَفس اَلقُوة والْحماس كمَا كان يفعل مِن قِبل، بيْنمَا لَم يَعبَأ بِه الباقون، أَخْذ يَتَفحَّص وُجوهَهم وملابسهم، بِابْتسامة أَقرَب لِلامْتعاض، مدُّ يَدِه بِمقْود الكلْب قائلا بِثقة وَثَبات كَأنَّه يُلْقِي أمْرًا عَسكرِيا
– حِينمَا يسْألون عَني أَعْطَوهم الكلْب. سَألَه أَحدُ الحراس
– إِلى أَيْن يَا بَاشَا ؟
لَمٌّ يَرُد ، وَمضَى.
بُعْد بِضْعَة أَيَّام نزل إِعلَان فِي نَفْس الجَرِيدَة تَحْت باب ” مفْقودون ” : – 82 عامًا، مِن عَائِلة مَيسُورة، يَرتَدِي بَدلَة بَيْضاء وحذاء أَبيَض، فِي جَيْب الجاكتِ اَلعلْوِي وَردَة حَمْراء، اَلعُيون زَرْقاء، أَبيَض الشِّعْر، فقد يَوْم 3 / 8 / 2013 ، مريض ويحْتَاج عِلاجًا دوْريًّا، مُكَافأَة مَالِية كَبِيرَة فِي حَالَة اَلعُثور عليْه – ت : 00000000,000000.

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!