آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية
هو كبير الذئاب العامرية المتسلسلة من أسرة ضاربة الجذور في الكهانة والعرافة والفراسة والشعوذة .. وهو نوع من التمائم والتعاويذ والأيقونات … جدته الأسطورة وأمه الشمس ، فهو ملتوت بالضوء ونعناع الكبرياء ومدعوك جدا ببهارات الحرية وزعفران الدهشة .. صانع رؤيا بليغ التماهي ، متواضع كجبل خجول ، هادئ كبحيرة قديسة لا تعتب على الأنهار والمطر.
يفكر بأصابعه فيسرسم معنى المعنى ، ويشم بعينيه الوقادتين قيرسم رائحة الصوت ، ويطبخ وجبته بماء الموسيقى .. ضحكته مدروزة بالحنين ومغموسة بأناغيم الطيور الهرية الشجاعة .
تتألب على شخصيته فروسية الشنفرى وزهد المتصوفة ، يبدو لا مباليا مع أنه فنان في مكره الطفولي المبدع .. يستطيع أن يدخل جملا في ثقوب الأبرة .. قبعته سريعة البديهة وخاتمة خزانة حمورابي .
العامري خزاف لغوي من طراز رفيع يبتكر أخلاقا جديدة للحروف ، وعادات غجرية للألوان فيكن رب المغزى ويوقع الجنون في شهقة الظل … مثقف رحيب لا يعيش الا مع البواشق من فرسان الجمال والفن والكلمة .
ملول بالفطرة من كل كينونة ثابتة ، ولذلك نراه دؤوبا كنحلة سكرانة او حصان نافر يطارد الغيوم .وفير الانجاز بصمت بحر يجرب الغرق .
، تشكيلي وشاعر ، وناثر وناقد فني وأدبي لكنه في كل ذلك منحاز بفرادة الابتكار كي يعلم الحياة كيف تفهمه وكي يعلم الحلم كيف يفي بوعده … العامري سموح كنخلة نشيط كلحظة قيام الشمس من نومها منذ ثلاثين سنة أهداني ديوانه الأول معراج القلق فعرفت أنه يكتب الشعر باليشة ولما أصدر ديوانه خسارات الكائن أيقنت أنه شاعر صوفي ثم أربكني ما بين دواوينه اللآحقة وابداعاته في التشكيل ومبادراته الثقافية الأخرى … إلى أن أصدر أخيرا كتابه أوتار الشجرة … فالشجرة هو ، ولأوتار هي الأسفار والرحلات ، إنها شجرة مغنية غازفة تتنبأ بأسرار موسيقاها وبأخلاق التضاريس المكانية التي حطت بها وعليها باسلوب دراماتيكي وهاج مراوغ يسبب الفتنة والذهول وهو يعد كتابا في أدب الرحلات المعاصرة ونوعا من السيرة الذاتية الهوائية التي تستنطق جماليات الأمكنة .
