يسقط التنظير بالتقادم الثوري ويصبح بلا فكر بمجرد أن تعلو الهتافات الكادحة لهذه الجماهير الغنية بالانتماء، ومن هذا المنطلق تعمدنا تجاهل كل الأفكار والتنظيرات التي كان بعضها دسمًا مغريًا للكتابة، لكن لا وقت للأنانية في كنف الوطن، فالتحرير وسائر ساحات التظاهر أولى بالحضور العقلي والجسدي، ومن هذا المنطلق فأن إيماني العتيد بمبدأ التغيير التدريجي، يذهب أدراج مطالب أقراني في تلك الساحات، ومن مبدأ التطرف لمصالحهم وأضعُ هذا المصطلح في خضم الدقة المتناهية من أجل دحض مايمكن أن يقال مستقبلًا عن إشارتنا لأي خطأ يمكن أن يحدث من شأنه النيل أو التأثير بهذا الحراك الذي يمثل الخطوة الأولى في سبيل الفوز بعدة مكتسبات وهي على سبيل الأفضلية لا الحصر (الوطن والوعي).
يعلل الكثير من أجهزة السلطة ورجالتها على أن بعض مطالب المتظاهرين تخرج عن الدستور وبعيدًا عن التذكير بوابل الخروقات التي حصلت من قبلهم ، نرى من المهم التذكير بنظرية الضرورة المستندة لتلك المقولة الرومانية بأن (سلامة الشعب فوق القانون) وبعيدًا عن تطبيقات هذه النظرية والتي تم تصويرها على أنها فقط تحدد وفق رؤية السلطة، نرى لزامًا التذكير بالآتي:
1_ أن أصل النظرية تدور وجودًا وعدمًا مع سلامة الشعب، وهو الأساس التنظيري والمنطقي لها.
2_ تعرض الدولة للخطر، والتي يعد الشعب الركن الأهم في معادلة تكوينها، لذلك الشعب هو صاحب الحق الأصيل في تطبيقها من عدمه.
ويجابه هذه النظرية في العراق إشكالية انعدام النص الدستوري لتطبيقها، وبالإمكان معالجة ذلك من خلال التذكير بالتالي:
_ أن هذه النظرية إذ ماتم تطبيقها ستستند إلى الشرعية الثورية لا الدستورية، خصوصًا مع إخفاق الشرعية الأخيرة في الحفاظ على سلامة الشعب.
_ جوهر الديمقراطية المتمثل بأن الشعب هو مصدر السلطات، يعضد من رأينا، فالشعب هو الذي يقرر مايلائمه من أوضاع.
كما أود أن أشير لضرورة تطبيقها بشكل محدد ضمن مايتيح لها تسهيل الإستجابة لتطلعات المتظاهرين، لأن تطببقها الكلي يعطي التبرير الشرعي للسلطة فيما يتعلق بتضييق الحريات وغيره وللأمانة هم غير مقصرين بذلك، لذلك حتى لا يساء استعمالها نوهت لضرورة تطبيقها بشكلها المحدد في إطار الاستجابة فقط.
لايخفى على الكثير اننا نمر اليوم بمرحلة المخاض العسير الذي سينجم عنه اما ولادة شعب حي أو ولادة وعي مشوه يؤطر الشعب داخل الخنوع المستمر، ولذلك على كل أجهزة السلطة بما فيها القضائية، التشريعية والتنفيذية الكف على التحجج بما لايصح التحجج به الآن، فمن غير المنطقي التمسك بعدم الاستجابة لنداء الشباب متذرعين بالدستور في ظل نزيف الدماء هذا الذي هدد أركان الدولة العراقية الحديثة،
في الختام أن إرادة الشعب هي المحددة والغالبة في كل مراحل التاريخ ومن يقول بغير ذلك فهو واهم، كما أنها أبدية النجاح غير قابلة لفناء الفشل