لن نجادل كثيراً في أن 2016 كان عاماً أكثر من صعب على المستويات كافة. قد حمل لنا أوجاعاً كثيرة، من بينها أننا فارقنا عربياً وعالمياً الكثير من الفنانين والكتاب المتميزين، وكان في وداعهم شجن زاد من أحزاننا التي نعانيها على المستوى الحياتي، وفي كل مرة نردد (فقدنا مبدعاً لن نتمكن من تعويضه). وكأننا نشعر بقيمة المبدعين الحقيقية بالتزامن فقط مع شعورنا بالفقد، ونعي بعد رحيلهم كيف أثروا في حياتنا وأثروها، وشكلوا بالكلمة واللقطة جزءاً من ذاكرتنا.
يعتقد الكثير بأن الفنون لا أهمية لها، فيما يقف آخرون طويلاً أمام تحليلها أو تحريمها، من دون أي تقدير لقيمتها في دعم الاستقرار النفسي للأشخاص، وبالتالي للمجتمعات. لكننا مع فراق كل قامة حلّقت في سماء الإبداع، نعرف كيف أسهمت في خلق مساحات من التوازن بين احتياجاتنا الروحية والقسوة المادية المحيطة بنا.
لعلنا مع بداية عام جديد نتفاعل مع ثقافتنا وفنوننا بالشكل اللائق بها، ونستحضر عبارة آينشتاين الشهيرة (لو لم أكن فيزيائياً، من المحتمل أن أغدو موسيقياً، فأحلامُ اليقظة لدي موسيقى، وأنظر لحياتي بدلالة الموسيقى، وأجمل أوقاتي هي تلك التي أقضيها في العزف على الكمان) فالعلم والتقنيات الحديثة وحالة الاستهلاك التي تبتلع أيامنا، كلها لن تغني عن حاجتنا إلى الفن، وإلى مبدعين يكملون مسيرة من رحلوا عن عالمنا بعدما تركوا لنا إرثاً إنسانياً راقياً.