بقلم: منال الشربيني
يبدو أن رواية “طائر على صدر امرأة” للأديب شريف محي الدين إبراهيم قد استندت إلى عدد من الأساليب الأدبية والنظريات المهمة في صياغة أحداثها وشخصياتها، حيث يبرز استخدامه للتقنيات الرمزية والتحليل النفسي بشكل مكثف، مما يجعل الرواية جديرة بالتفكيك والتحليل النقدي.
تمثل الرمزية محورًا أساسيًا في الرواية، وهو ما يمكن رؤيته في أسماء الشخصيات مثل “يوسف شوقي” و”يونس آدم”، حيث أن الأسماء هنا ليست عشوائية بل تحمل دلالات عميقة مرتبطة بالتراث الديني والتاريخي. يوسف يمثل الشوق والنبل الذي لم يحصل عليه، بينما شيرين شوكت تبدو كرمز للغواية والتلاعب، مثل الحوت الذي ابتلع يونس. كما أن هناك إشارة رمزية واضحة في المفتاح الذهبي الذي ألقى به يوسف، والذي يمكن أن يمثل الطموح أو الخلاص الذي بدا كخديعة. السلسلة والتميمة الفرعونية أيضًا تحمل دلالة رمزية كبيرة تشير إلى إرث ثقافي وتاريخي عميق يشير إلى ارتباط الرواية بالتاريخ المصري.
اعتمد الروائي على مكونات التحليل النفسي بشكل واضح في شخصية الدكتور يوسف شوقي. المناجاة الداخلية والاعترافات المكثفة التي يقوم بها البطل مع نفسه تعكس صراعًا داخليًا مع الهوية والضمير والعلاقة المعقدة مع شخصيات الرواية الأخرى. العلاقة مع شيرين شوكت تمثل نوعًا من التورط النفسي العاطفي الذي يقوده البطل إلى محاولة الهروب من الماضي ولكنه في الوقت ذاته عاجز عن التخلص منه بشكل نهائي، وهو ما يظهر في عدم قدرته على نزع السلسلة من عنقه.
يظهر الروائي تأثره بفكرة التناص، سواء على مستوى السرد أو على مستوى الحوارات التي تربط بين الشخصيات والمفاهيم التاريخية والدينية. التناص يظهر في استدعاء شخصيات مثل يونس وآدم ويوسف، حيث يتفاعل القارئ مع هذه الشخصيات على مستويين، السردي والتاريخي. ويعتبر التناص هنا جزءًا من التفاعل الديناميكي بين القارئ والنص، حيث يتم تقديم أحداث الرواية في إطار يمثل استمرارية للتجربة الإنسانية في مختلف العصور.
يحتوي النص الروائي على بنية واضحة تظهر في تقسيم السرد إلى أربعة محاور رئيسية تمثل العلاقات بين الشخصيات المحورية مثل شيرين شوكت، يونس آدم، فريد عبدون، وليلى حلمي. هذه الشخصيات تمثل كتلًا سردية تتداخل وتتشابك لتكوين النص بشكل متسلسل ومنطقي. البنية السردية هنا لا تقوم على تقديم تسلسل زمني بقدر ما تقوم على تقديم أنماط تفاعل اجتماعي ونفسي بين الشخصيات.
تتسم الرواية بوجود لمسة من الفلسفة الوجودية، خاصة في تصرفات الدكتور يوسف شوقي تجاه حياته وعلاقاته. يختبر البطل أزمة وجودية في علاقته مع الحب والوفاء والتقاليد الاجتماعية التي تفرض عليه التزامات معينة. يبدو أن البطل غير قادر على تحقيق التوازن بين رغبته في الحرية الشخصية وبين القيود التي تفرضها الحياة الاجتماعية والعاطفية عليه.
تعتبر التحليلية النفسية الفرويدية جزءًا من التركيبة النفسية للرواية. العلاقات المعقدة بين الدكتور يوسف، زوجته ليلى، وشيرين شوكت تعكس تصورات فرويدية حول الحب والرغبة واللاشعور. الاعترافات بين الشخصيات، خاصة بين الدكتور يونس ويوسف، تحمل بعدًا سيكولوجيًا معقدًا يوضح كيف أن الاعتراف بالذنب والرغبة الجنسية يشكلان جزءًا من الصراع النفسي العميق.
في مجمل القول، تُظهر رواية “طائر على صدر امرأة” للأديب شريف محي الدين قدرًا كبيرًا من المهارة الأدبية في استخدامها للرمزية والتحليل النفسي والتناص التاريخي والديني. الرواية تستند إلى العديد من النظريات الأدبية والنقدية مثل البنيوية، التحليل النفسي الفرويدي، والرمزية، مما يجعلها نصًا متعدد الطبقات يحتاج إلى تحليل دقيق لفهم أبعاده المختلفة.
….
المصادر:
– بارت، رولان. “موت المؤلف”.
– فرويد، سيجموند. “تفسير الأحلام”
– لاكان، جاك. “التحليل النفسي والسياسة”
– سعيد، إدوارد. “التناص بين النصوص”