في منتزه محميّة الغزلان بدبّين، تحت الشّجر، انتشر الفنّانون التّشكيليون من مختلف الأعمار وأمامهم لوحاتهم، وعلى الشّجر تدلّت بعض اللّوحات نماذج لأعمالهم ومدارسهم التشكيليّة المختلفة، ثمار جهد وحبّ… بينهم المتمرّس، وبينهم المبتدئ… افترشوا الأرض أو وقفوا، لم تكن لهم من غاية سوى نشر الفرح والألوان وتشكيل ما يخالجهم على لوحاتهم… تصاوير أخذت خطوطها وألوانها تتوضّح كلّما مضى الوقت. وانتشر بينهم الشّعراء يقرأون آيات الفنّ والجمال ويتهجّون أبجديّات سحر المكان…
وبحثت عن حروف جديدة لنصّ يداعب روحي ويعالج أقفال لغتي… سكبت ساكب عطرها في روحي وعوض أن تفكّ أسر لساني خدّرتني بسحرها… ووقعتُ تحت تأثيرها. فآثرتُ الابتعاد عن الجميع ورحت أراقب الغزلان في الحديقة من خلف السياج.
رسمتُ لوحة في خيالي، جبال وأشجار وغزلان تمرح في كلّ مكان… وأنا أحرس قطيع الغزلان خوف أن يشرد، وغنّيت: “غزالي نفر…” و “فراق غزالي…” لأعود ثانية إلى هضاب العالية. ترى هل كان بها غزلان؟ وابتسمت للفكرة الّتي راودتني… بها غزلان وأيّ غزلان، هنّ حفيدات الأندلسيّات الأوائل بحسنهنّ ورشاقتهنّ، وفي واحدة منهنّ أنشد شاعرها “العربي النجّار” فراق غزالي…
حضر الأردنّ بجماله في السمبوزيوم، والجمال بنات، غزالات، في لباس الأردنّ التّقليديّ. وحضر الشّباب ليطبخوا المنسف على طريقتهم… صار المكان مخيّما كشفيّا… كشف بساطة الحياة والحبّ في أرقى صوره، وكشف قدرة الإنسان على الاستمتاع بكلّ ما يمكن أن يَرِدَ على حواسّه من جمال الطّبيعة وجمال الفنّ وجمال روح الإنسان حين تُرسَل على سجيّتها
*الصورة: في محمية الغزلان بدبّين، الأردن. السمبوزيوم خلال فعاليات مهرجان ساكب الدولي للثقافة والفنون في نسخته الأولى، أوت 2017