حارس السيارات / بقلم : محمدبنعمر

يقضم بسخاء رغيف خبزه المحشو بالسردين المعلب ، ويعقب القضمة بجرعة من فم قارورة الغازوزة . تنتفخ  خديه كنافخ  مزمار . يلتهم الشطيرة ولا يأبه بالمارة .  عندما انتهى من التهام الرغيف وأفرغ الغازوزة ارتخى وأحس بارتياح بعد أن هدأت  غرغرة أمعائه . بعدها تجشأ وأحدث صوت مجوف  كأنه آنبعث من بئر عميق . قطع الطريق الى الرصيف المقابل ، عند الزاوية حيث بائع السجائر بالتقسيط اشترى سجارة سلفة ورجع الى كرسيه ، صندوق الخضر ، أشعلها ، وأخذ يتشهقها وينفث دخانها من مناخره مثل مدخنة . أحس بدوار  واتكأ راْسه على الحائط ، ولعن الدنيا و يوم ميلاده .
كل صباح ، بسترته الفلورية ، يغذ السير في الزقاق ذهابا وإيابا ، يرشد من يريد أن يركن سيارته . يشير إليه بإصبعه أن يدير مقوده مرة الى  اليمين  ، و مرة الى اليسار حتى ينسل بين سيارتين بدون اصطدام . يفعل هذا كذلك عند مغادرة أحدهم المكان . هذا مقابل ، حسب سخاء الزبناء ، بعض الدريهمات . بعض الأحيان ينتهى الأمر بالسب والمشاجرة .  هناك من يعتبر الدريهمات التي يمنحها إياه شفقة أكثر من أن تكون مقابل حراسته للسيارة  . فإن  الحارس في محنة ،  وحياته أصابها عطب ، مثلما يرتدي هو السترة الصفراء  الفلورية حين  تتعطل سيارته في أحد الطرقات  و يطلب النجدة  .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!