من الحدود وحتى الشام . (ج2)

مذكرات  مجنون في  مدن مجنونة …  يكتبها محمد صوالحة .
*********************************************

ج 2

” خذ جوازك يا محمد ” شعرت بالإحراج الشديد لكذبتي بتغيير اسمي نظرن اليّ اسمك ” محمد يا كِزاب” هذا الاسم الرسمي المسجل بدوائر الدولة ولكني أُنادى ب لوتس منذ صغري …صعدنا الى السيارة وما هي الا دقائق حتى قابلتنا لوحة كبيرة على الجانب الاخر من الحدود وعليها صورة بحجم اللوحة للرئيس الراحل حافظ الأسد كتب عليها اهلا بكم في سوريا .

ذهبنا للموظف المختص، كل منا وقف على نافذة … انا على نافذة العرب القادمين لسوريا وهن على نافذة المواطنيين .. اختلفت صورة سوريا كلياً بنظري لما سمعت من سوء معاملة للقادم والمواطن على حد سواء … فلا بد من الرشوة وكنت قد هيأت نفسي للدفع ولم اجرؤ على سؤال السائق عن ذلك او المبلغ الذي يدفع … لم اضطر لذلك لأن التعامل معي كان من أبدع ما يكون سواء من ناحية سرعة انهاء المعاملة وختم الجواز او من ناحية فن التعامل فأهلا وسهلا تسمعها من الموظف عند وصولك اليه .. يقلب صفحات الجواز يختمه ويتمنى لك طيب الاقامة … يالك من بشر ظالم … يالكم من اناس لاتستحقون الا جهنم بل هي كثيرة عليكم … لماذا هذا التنفير؟ .
عدنا الى سيارتنا والتي بدأت من جديد تبتلع المسافة … ما اسم هذه المنطقة التي نمر بجوارها … هذه دَرْعا .. يا لجمال ارضها بتربتها الحمراء والزي الأخضر الذي ترتديه وكأنها تتأهب لحفل زفافها …
اطلب من السائق المرور بدرعا ولكنه يرفض … اتابع اسئلتي : وبعد ماذا يأتي … من هنا تتجه الى السويداء وغالبيتها من العرب الدروز .
الطريق طويل ومستقيم وسرعة السيارة عالية والشموس ما زال حديثهن مستمر وانا مازلت التفت الى الخلف .انساتي .. انا الآن غريب هنا وأود التعرف على سوريا … فمن منكن ترافقني رحلتي .
**أجابت شيماء : _ هل الدعوة مخصصة لواحدة بعينها ؟.
*بالتأكيد لا …
**الى اين تنوي الذهاب ؟.

*الى كل الشام .
بالاضافة الى ان لي معارف هنا انوي زيارتهم ولا ادري كيف اصلهم … فأود زيارة الاديب طلعت سقيرق … وعبد القادر الحصني … وليلى مقدسي .

قاطعتني لبنى بقولها : هذه الاديبة ليست في الشام وانما تقطن بحلب وهي صاحبة دار للنشر والتوزيع … كيف تعرفت عليها ؟.
التقيتها في عمان ؟
وطلعت سمعت عنه ولم اره بعد اعرفه من خلال جريدة شبابيك … ؟ .
قالت ليلى : حسناً انا سأرافقك في رحلتك هذه مع شيماء .
لكن لبنى بالـتأكيد لاتستطيع لانها تقيم في حمص ، وهنا اود التعقيب على ما قلت في البداية بأنك غريب … فأنت تحمل نفس اللسان الذي نتكلم به ونفس الدين انت كما انت في عمان بين اهلك . نرافقك في رحلتك بشرط عندما نعود الى عمان تكون رفيقنا في رحلتنا وتعرفنا على الاردن فنحن لا نعرف منه الا عمان .

اه ما أسعدني …

*ولكن كيف لي ان أتصل بكم ؟.

لا داعي لذلك نحن سنتصل .

لا أحمل هاتفا هنا .

واين ستنزل ؟

ولأني لا ادري سألت عن هاتف اتصل من خلاله باحداكن … كتبت رقم الهاتف بخط انثوي رقيق وكتبت الاسم تحته .

وان رد على الهاتف احد من اهلك سألتها ..

عادي يا بنيي فنحن عائلة بُنيت على الثقة والحرية .

في أي وقت عادة يكون صحوك ؟.

ليس لي وقت محدد ولكن عندما تتصل بالتأكيد سأكون مستيقظة .

اخذنا الحديث ولم نشعر بالطريق الا والسائق يقول حمداً لله على سلامتكم وصلنا الى الشام .. طلبن منه ايصالهن لبيوتهن … فأجاب بالموافقة وحدد أجرة ذلك فوافقن عليها .

نزلت من السيارة ليلى اولاً وبرفقتها لبنى … ومن ثم نزلت شيماء في شارع أخر ولكنه قريب … سألني السائق الآن دورك الى أين ترغب الذهاب ؟، الى فندق ام لشقة ؟.

قلت بل شقة … لأني سأكون أكثر راحة واستقرار. سارت السيارة ونزلنا الى احد المكاتب وطلبنا منه شقة … فقال الشقة متوفرة … كم ستمكث اسبوعاً أجاب اربعة الاف ليرة .. صمت قليل انهض من مكاني واطلب من السائق مرافقتي … وبقينا على هذا الوضع حتى استقر الآجر عند الف ليرة فوقعنا العقد واستلمت المفتاح واتجهنا إلى الشقة وكانت في الطابق التاسع .

دخلت الشقة وسالت السائق: هل يمكنني الصعود الى سطح العمارة؟.

فأجب بنعم .

اخذت حماماً سريعاً احتسيت كأساً من الشاي …  بعدخ  تناولت  من البراد علبتان  من البيرة

وصعدت الى السطح … ياله من منظر خلاب الأنوار منتشرة في كل الانحاء تشعر بأنها تناجيك هنا مرتفعات وهناك منخفضات … الأنوار تضفي جمالاً بديعا على الشام .
سيجارتي  مشتعلة … وعلبة البيرة  بيدي  .. وانا   اتمشى  على   سطح العمارة …  احاول ان  ابحث  عن  اسم للمنطقة  التي  اسكنها …  لم  تسعفني   ذاكرتي   ومحيلتي  بايجاد  اسم  يليق    بهذا المكان  المشع …  الحركة في  الشارع  مستمرة …  الحياة  ابدا  لا تتوقف …   الليل …  جميل  والنسمات  عليلة …   والبيرة   مع  تأمل  تلك  النوافذ  وتخيل  ما فيها  تضفي   نكهة    وجمالا   على السهر .
لم انتبه  لصوت  المؤذن  الا  وهو  يصدح  بــ  (( الصلاة خير  من النوم ))  ارتشفت  ما تبقى  من  علبة البيرة  وهبطت   الى الشقة …   يا الهي  …  اشعر  بعطش  شديد …  وعيناي   لا  استطيع ان افتحهما …  رئتاي  مليئتان  بالهواء  والعطر …  اجر  نغسي  الى البراد   اشرب … اتوجه الى المطبخ … اغسل  وجهي  … اعود لسريري   واستلقي … ولا ادري  كيف  غفوت …  والى اي  حلم طرت … ولكن بالتأكيد  كانت  ليلى   بطلة حلمي .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

2 تعليقات

  1. طالب الفراية

    يخرب بيت الاحلام لو تتحول حقيقة ………ونعم الحلم …لولا شرب البيرة ….اشرب ويكي ….مو حلم ورايح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!